للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا إذا ابتدأ بالوطئ فتنجس به وهذا عندي ضعيف.

فإذا تقرر هذا رجعنا إلى المسألة فنقول: إنه [١٥١ ب/ ١] إذا نسي الجنابة وتيمم للفريضة معتقدًا أنه محدث ثم تذكر الجنابة صح تيممه؛ لأن التيمم من الحدث ومن الجنابة واحد، وهو على الوجه واليدين، وكل شيئين طهارتهما واحدة، فالخطأ من أحدهما إلى

الآخر لا يمنع صحة الطهارة، كما لو توضأ وهو يعتقد أن حدثه بولًا فكان ريحًا، أو اغتسلت من جنابة وكانت فساء يجوز بالإجماع، ويخالف هذا إذا أعتق رقبة عن الظهار وكان عليه رقبة عن الجماع في صوم رمضان لا يجوز، وعليه أن يعتق رقبة أخرى عن الجماع في صوم رمضان؛ لأنهما مقصودان بأنفسهما فلا يعذر في بالخطأ. وقيل: ما ذكره المزني من العلة لم يقلها الشافعي؛ لأنه لو صحت هذه العلة لوجب أن يقال: إذا قضى العصى ثم بان أن فاتته الظهر فإنه يجوز؛ لأنه لو تذكر الظهر لم يكن عليه أكثر من أربع ركعات، ولا يجوز أن يقال ذلك، وكذلك في مسألة العتق وجب أن يجوز، والعلة عند الشافعي هي أن التيمم لا يرفع الحدث فلا معنى لنية الحدث الذي يتيمم عنه فيه، وإنما يحتاج أن ينوي استباحة الصلاة، فإذا نواها صح ولا يضره الغلط فيما يتيمم عنه؛ لأن أكثر ما فيه أن يجعل ما غلط فيه، كأنه لم ينوه، فتبقى معه نية استباحة الصلاة وهي كافية له، وبهذا فارق ما لم نوى المقتدي [١٥٢ أ/ ١] بالإمام الإقتداء بزيد، ثم بان أن إمامه عمر، ولم يجز لأن عليه نية الإقتداء جملة، فإذا غلط جعل كأنه لم ينو الإقتداء بهذا الإمام، وكذلك لو غلط في نية الصلاة على الجنازة، فنوى أن الميت رجل فإذا هو امرأة أو امرأة فإذا هو رجل لا يجوز؛ لأن عليه نية الصلاة على الميت جملة، فإذا أخطأ صار كأنه لم ينو، وههنا ليس عليه فيه الحدث الذي يتيمم عنه أصلًا فلا يضره الغلط فيه، كما لا يضر الغلط في النوم في الصلاة.

وأما الوضوء والغسل يرفعان الحدث فيجوز فيهما نية رفع الحدث دون استباحة الصلاة، وفيه استباحة الصلاة، وقد رفع الحدث وإحدى النيتين تتضمن الأخرى فيصير بنية إحداهما ناويًا للأخرى لا محالة، فلا يضر الغلط فيما نواه من الحدث.

فإذا تقرر هذا ذكر المزني فصلين مشكلين، ونحن نفصل أحدهما عن الآخر، فالأول قوله: ليس على المحدث عندي معرفة أي الأحداث كان منه، وإنما عليه أن يتطهر للحدث.

قصد به الرد على ربيعة أستاذ مالك، حيث قال: لو أخطأ في الجنس الواحد من نوع إلى نوع جاز، كالحائض تنوي غسل الجنابة، والبائل ينوي حدث الغائط؛ لأن الغسل هو الواجب في الموضعين، أو الوضوء. فقال المزني: كما لا يضر الخطأ من النوع [١٥٢ ب/ ١] إلى النوع وجب أن لا يضرب الخطأ من الجنس إلى الجنس، ونهاية هذا الفصل إلى قوله: ولا يقول بهذا أحد نعلمه. ثم ابتدأ الفصل الثاني فقال: ولو كان الوضوء يحتاج إلى النية كما يتوضأ له قصد به الرد على مالك حيث قال: تعيين الحدث شرط في صحة الوضوء من غير غلط يقع فيه، حتى لو نوى الوضوء عن البول وحدثه ريح لم يجز.

<<  <  ج: ص:  >  >>