للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اختلف أصحابنا فيه، فمنهم من قال: لا يجوز تيممه لأن الشافعي قال في "الأم ": ولو سفت الريح عليه ترابًا فعمه فأمرها على وجهه لم يجزه لأنه لم يأخذه لوجهه، وإن أخذ من رأسه فمسح به وجهه جاز لأنه أخذ التراب لوجهه. وقال بعض أصحابنا: يجوز ذلك إذا أمر يده على وجهه. قاله القاضي أبو حامد وما ذكر الشافعي إذ لم يقصد الريح ولم ينو فحصل للتراب عليه ثم أمر يده، فأما إذا قصد الوقوف أو نوى وأمر يده فقد حصل المقصود فيجوز، وعامة الأصحاب على أنه لا يجوز، وهو اختيار صاحب الإفصاح، وابن أبي أحمد، وحملوا كلام الشافعي على ظاهره، ولو لم تمر يده عليه ولكنه نوى وتحقق أنه عمه، ظاهر المذهب أنه لا يجوز، ومن أصحابنا من قال: فيه وجهان: أحدها: يجوز وهو اختيار الإمام الحليمي، والقاضي الطبري؛ لأنه أوصل غيره الراب إلى وجهه مع حضور نيته، فجاز كما لو يممه غيره، وكما نقول في الضوء: إذا وقف تحت المطر حتى جرى الماء على أعضائه يجوز، وهذا هو الصحيح عندي. ورأيت بعض أصحابنا حكى هذا عن الشافعي أنه قال في "القديم ": ومن قال بالقول علل بأنه يتقرر إيصال التراب إلى تمامه من غير مسح بخلاف الماء؛ لأنه يجري. وعلل أيضًا بأنه إذا لم تمر اليد لا يسمى مسحًا، والأمر ورد بالمسح، وهذا [١٤٩ أ/ ١] لا يصح؛ لأن جوابنا هذا إذا تيقن وصول التراب إلى كل محل

الفرص، وقد يعلم الإنسان من نفسه ضرورة واسم المسح لا يراعى، ألا ترى أن الله تعالى قال: {وامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: ٦] ولو قطر عليه من المطر يجوز، ولم يوجد اسم المسح فدل على أن المعتبر وصول الطهور إلى محل الفرض، وقد وجد ذلك فيجوز.

فرع

قال بعض أصحابنا بخراسان: لو أخذ التراب من الوجه ثم أعاده إلى الوجه ومسحه به مع النية وجهان، وكذلك لو نقل التراب من يده إلى وجهه فيه وجهان: أحدهما: لا يجوز لأنه نقل من محل الفرض. والثاني: يجوز لأنه حصل القصد والنية، وهذا أصح. والوجه الأول ليس بشيء. فإذا تقرر، هذا قال بعض أصحابنا بخراسان: هذا التدقيق والترتيب الذي ذكره المزني عن الشافعي في وصف التيمم لا يجب ولا يبين، فإنه لو أخذ بكفه ترابًا فمسح يده به أو بعضها، ثم أخذ كفًا آخر فمسح الباقي جاز، ولكن ذكره جوابًا لما قال مالك أنه ورد الخبر ضربة للوجه وضربة لليدين، وبالضربة الواحدة لا يمكن المسح إلى المرفقين، فدل أنه لليدين إلى الكوعين، فأراد الشافعي أن يبين كيف يمكنه بضربة واحدة مسح اليدين إلى المرفقين. وقال أيضًا: إنما أمر يوضع كفه اليسرى على ظهر كفه اليمنى ولم يأمر بوضع كفه اليمنى على بطن كفه اليسرى [١٤٩ ب/ ١]؛ لأنه يحتاج في التيمم إلى نقل التراب إلى المحل الممسوح، ولا يجوز

<<  <  ج: ص:  >  >>