للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأخرى، ليكون استعماله واحدًا، ثم يصنع بالأخرى مثل ما صنع باليمنى ويجزيه، والذي نقله المزني وهو الصحيح أن يضرب على التراب ضربة للوجه، ثم يضرب ضربة ويمسح ذراعه اليمنى واليسرى، فيضع كفه اليسرى على ظهر كفه اليمنى وأصابعها، وإنا قال: يضع كفه اليسرى ولم يقل يضع كفه اليمنى؛ لأن اليسرى هي العاملة في اليمنى، وأصحابنا يقولون: يضع ظهور أصابعه اليمنى على بطون أصابعه اليسرى والإبهام، وهو مراد الشافعي، وإنما يضع بطون أصابع كفه اليسرى على ظهور أصابع كفه اليمنى، لأنه يحتاج إلى التراب الذي على باطن راحته اليسرى لبطن ذراعه اليمنى، ثم يمرها على ظهر ذراعه اليمنى إلى مرفقه، ثم يدير كفه إلى باطن الذراع، ثم يقبل بها إلى كوعه وبطن غبهامه اليسرى بحاله، ثم يمره على شيء فيمره على ظاهر إبهامه، فإن بقي موضع لم يمر التراب عليه أمر يده عليه قبل أن يفصل عن يده اليمنى، فإذا فعل ذلك فقط سقط فرض يده اليمنى وفرض بطن كفه اليسرى، ثم يصنع بيده اليسرى ما صنعه باليمنى ويسمح إحدى الراحتين بالأخرى، ويخلل أصابعهما حتى إن بقي موضع لم يصل إليه التراب أو وصل [١٤٧ أ/ ١] إليه. الكوع: هو العظم الناتئ الذي يلي الإبهام. والكرسوع: هو العظم الناتئ الذي يلي الجانب الآخر الذي فيه الخنصر. ومن أصحابنا من قال: يبدأ في التيمم بأسفل وجهه ثم يستعلى لأن الماء في الوضوء إذا استعلى به تحدر بطبعه، فعم جميع وجهه، والتراب لا يجري على الوجه إلا بإمراره باليد، فيبدأ بأسفل وجهه ليقل ما يحصل في أعلاه من الغبار ليكون أحمد وأسلم لعينه، وعامة الأصحاب لم يفرقوا هكذا، وإنما لم يؤمر بمسح الرأس والرجلين فيه؛ لأن في مسح الرأس بالتراب مضاهاة لأرباب المصائب، والرجلان لا تخلوا التراب منما في السفر غالبًا.

فرع

مسح إحدى الراحتين بالأخرى هل يجب أو يستحب؟ اختلف أصحابنا فيه، فمنهم من قال: يستحب ولا يجب؛ لأنه حين ضرب يديه على الأرض في المرة الثانية وصل الطهور إلى محله بقصده، والنية موجودة، والوقت وقت أداء فرضه لفراغه عما قبله، فلا وجه لأن لا يسقط فرضه، إلا أنا أبحنا أن نمسح بذلك التراب ذراعه الأخرى للحاجة، ولم يجعله مستعملًا أو لا يمكنه أن يمسح الذراع من يد بكف اليد بخلاف الماء، فإنه يمكنه أن يقلب من كفه على ذراع تلك اليد، فقلنا: لا يجوز أن يستعمل ما رفع الحدث عن كفه في اليد الأخرى، ومنهم من قال: يجب لأنه حين ضرب يده [١٤٧ ب/ ١] على الأرض لم يؤد به فرض الكف، إذ لو أدى لصار التراب مستعملًا، فلا يصلح لاستعماله في يده الأخرى، لأنه لابد من انفصال الغبار عن اليد، والطهور إذا وصل إلى العضو وسقط به الفرض والفضل كان مستعملًا لا محالة، فحكمنا ببقاء فرض الكف حتى لا يكون التراب مستعملًا حين يمسح به ذراعه، وبمسح الذارع لا يسقط الفرض في الكف؛ لأنه آلة في العمل فيمسح إحدى الراحتين في الأخرى بعد الفراغ

<<  <  ج: ص:  >  >>