للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن من ينظر في حال الطوائف المنتسبة إلى الإسلام يجد الرافضة أشدهم ضررًا وأعظمهم كذبًا، وليس أدلّ على ذلك من استخدامهم للتقية دينًا، ولسبِّ الصحابة - رضي الله عنهم - وتكفيرهم شعارًا وعقيدة. قال الإمام ابن تيمية مؤكدًا على ذلك -وهو أخبر النَّاس بخبثهم ومكرهم-: «فهم أشد ضررًا على الدين وأهله، وأبعد عن شرائع الإسلام من الخوارج الحرورية، ولهذا كانوا أكذب فرق الأمة. فليس في الطوائف المنتسبة إلى القبلة أكثر كذبًا ولا أكثر تصديقًا للكذب وتكذيبًا للصدق منهم، وسيما النفاق فيهم أظهر منه في سائر الناس» (١)، إلى أن قال: «وكل من جرَّبهم يعرف اشتمالهم على هذه الخصال -أي: خصال النفاق-، ولهذا يستعملون التقية التي هي سيما المنافقين واليهود، ويستعملونها مع المسلمين، {يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ}، ويحلفون ما قالوا وقد قالوا، ويحلفون بالله ليرضوا المؤمنين {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ}» (٢).

وصاحب الرسالة وإن كان قد رفض هذا الحديث ولم يقبله إلا أنه بإثباته لهذه اللفظة فيه يريد أن يبيِّن للنَّاس أنها هي الوصية الثالثة التي نسيها الراوي، وكأنه يلمح بهذا إلى أن الرواة بمن فيهم البخاري قد تمالئوا على حذفها. وعبارته التي ذكرها في آخر الحديث -وهي قوله: «على حدِّ تعبير البخاري» - تدلُّ على ذلك. وليس ما أراده صحيحًا، ولا ما ألمح إليه حقًا، فإن هذه الوصية قد نسيها الراوي فعلًا، وهو سليمان بن أبي مسلم الأحول، كما نصَّ على ذلك البخاري بعد سياقه للحديث (٣).


(١) مجموع الفتاوى (٢٨/ ٤٧٩).
(٢) نفس المصدر السابق.
(٣) صحيح البخاري (٤/ ٩٩). وقد تقدم.

<<  <   >  >>