للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأَثير: قَالَ الْحَرْبِيُّ نَمَّى مُشَدَّدَةٌ وأَكثر الْمُحْدَثِينَ يَقُولُونَهَا مُخَفَّفَةً، قَالَ: وَهَذَا لَا يَجُوزُ، وَسَيِّدُنَا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ يَكُنْ يَلْحَن، وَمَنْ خَفَّفَ لَزِمَهُ أَن يَقُولَ خَيْرٌ بِالرَّفْعِ، قَالَ: وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ فَإِنَّهُ يَنْتَصِبُ بنَمَى كَمَا انْتَصَبَ بِقَالَ، وَكِلَاهُمَا عَلَى زَعْمِهِ لَازِمَانِ، وَإِنَّمَا نَمَى مُتَعَدٍّ، يُقَالُ: نَمَيْت الْحَدِيثَ أَي رَفَعْتُهُّ وأَبلغته. ونَمَيْتُ الشيءَ عَلَى الشَّيْءِ: رَفَعْتُهُ عَلَيْهِ. وَكُلُّ شَيْءٍ رَفَعْتَهُ فَقَدْ نَمَيْته؛ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:

فعَدَّ عمَّا تَرَى، إذْ لَا ارْتِجاعَ لَهُ، ... وانْمِ القُتُودَ عَلَى عَيرانةٍ أُجُدِ

وَلِهَذَا قِيلَ: نَمَى الخِضابُ فِي الْيَدِ وَالشَّعْرِ إِنَّمَا هُوَ ارْتَفَعَ وَعَلَا وَزَادَ فَهُوَ يَنْمِي، وَزَعَمَ بَعْضُ النَّاسِ أَن يَنْمُو لُغَةٌ. ابْنُ سِيدَهْ: ونَما الخِضاب ازْدَادَ حُمْرَةً وَسَوَادًا؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَزَعَمَ الْكِسَائِيُّ أَن أَبا زِيَادٍ أَنشده:

يَا حُبَّ لَيْلى، لَا تَغَيَّرْ وازْدَدِ ... وانْمُ كَمَا يَنْمُو الخِضابُ فِي اليَدِ

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ وانْمِ كَمَا يَنْمِي. قَالَ الأَصمعي: التَّنْمِيةُ مِنْ قَوْلِكَ نَمّيت الْحَدِيثَ أُنَمِّيه تَنْمِية بأَن تُبَلِّغ هَذَا عَنْ هَذَا عَلَى وَجْهِ الإِفساد وَالنَّمِيمَةِ، وَهَذِهِ مَذْمُومَةٌ والأُولى مَحْمُودَةٌ، قَالَ: وَالْعَرَبُ تَفْرُق بَيْنَ نَمَيْت مُخَفَّفًا وَبَيْنَ نَمَّيت مُشَدَّدًا بِمَا وَصَفَتْ، قَالَ: وَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَ أَهل اللُّغَةِ فِيهِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَتَقُولُ نَمَيْتُ الحديثَ إِلَى غَيْرِي نَمْياً إِذا أَسندته وَرَفَعْتَهُ؛ وَقَوْلُ سَاعِدَةَ بْنِ جُؤَيَّةَ:

فَبَيْنا هُمُ يَتّابَعُونَ ليَنْتَمُوا ... بِقُذْفِ نِيافٍ مُسْتَقِلٍّ صُخُورُها

أَراد: ليَصْعدُوا إِلَى ذَلِكَ القُذْفِ. ونَمَيْتُه إِلَى أَبيه نَمْياً ونُمِيًّا وأَنْمَيْتُه: عَزَوته وَنَسَبْتُهُ. وانْتَمَى هُوَ إِلَيْهِ: انْتَسَبَ. وَفُلَانٌ يَنْمِي إِلَى حسَبٍ ويَنْتمِي: يَرْتَفِعُ إِلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَن ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبيه أَو انْتَمَى إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ

أَي انْتَسَبَ إِلَيْهِمْ وَمَالَ وَصَارَ مَعْرُوفًا بِهِمْ. ونمو

نَمَوْت إليه الحديثَ فأَنا نمو

أَنْمُوه وأَنْمِيه، وَكَذَلِكَ هُوَ نمو

يَنْمُو إِلَى الْحَسَبِ ويَنْمِي، وَيُقَالُ: انْتَمَى فُلَانٌ إِلَى فُلَانٍ إِذَا ارْتَفَعَ إِلَيْهِ فِي النَّسَبِ. ونَمَاه جَدُّه إِذَا رَفع إِلَيْهِ نَسَبَهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:

نَمَانِي إِلَى العَلْياء كلُّ سَمَيْدَعٍ

وكلُّ ارتفاعٍ انْتِمَاءٌ. يُقَالُ: انْتَمَى فُلَانٌ فَوْقَ الوِسادة؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الجعدِي:

إِذَا انْتَمَيَا فوقَ الفِراشِ، عَلاهُما ... تَضَوُّعُ رَيّا رِيحِ مِسْكٍ وعَنْبرِ

ونَمَيْتُ فُلَانًا فِي النَّسَبِ أَي رَفَعْتُهُ فانْتَمَى فِي نَسَبِهِ. وتَنَمَّى الشيءُ تَنَمِّياً: ارْتَفَعَ؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ:

فأَصْبَحَ سَيْلُ ذَلِكَ قَدْ تَنَمَّى ... إِلَى مَنْ كَانَ مَنْزِلُه يَفاعا

ونَمَّيْت النَّارَ تَنْمِيَةً إِذَا أَلقيت عَلَيْهَا حَطَباً وذكَّيتها بِهِ. ونَمَّيْت النارَ: رفَعتها وأَشبعت وَقودَها. والنَّمَاءُ: الرَّيْعُ. ونَمَى الإِنسانُ: سَمِنَ. والنَّامِيةُ مِنَ الإِبل: السَّمِينةُ. يُقَالُ: نَمَتِ الناقةُ إِذَا سَمِنَتْ. وَفِي حَدِيثِ

مُعَاوِيَةَ: لَبِعْتُ الفانِيةَ وَاشْتَرَيْتُ النَّامِيَة

أَي لبِعْتُ الهَرمة مِنَ الإِبل وَاشْتَرَيْتُ الفَتِيَّة مِنْهَا. وَنَاقَةٌ نَامِيَةٌ: سمينةٌ، وَقَدْ أَنْمَاها الكَلأُ. ونَمَى الماءُ: طَما. وانْتَمَى الْبَازِيُّ والصَّقْرُ وغيرُهما وتَنَمَّى: ارْتَفَعَ مِنْ مَكَانٍ إِلَى آخَرَ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

<<  <  ج: ص:  >  >>