وَقَالَ ابْنُ مُفَرِّغٍ:
أَغَرّ يُواري الشمسَ، عِندَ طُلُوعِها، ... قَنابِلُه والقَيْرَوانُ المُكَتَّبُ
وَفِي الْحَدِيثِ
عَنْ مُجَاهِدٍ: إِن الشيطانَ يَغْدُو بقَيْرَوانه إِلى الأَسواق.
قَالَ اللَّيْثُ: القَيْرَوَان دَخِيلٌ، وَهُوَ مُعْظَمُ الْعَسْكَرِ وَمُعْظَمُ الْقَافِلَةِ؛ وَجَعَلَهُ امْرُؤُ الْقَيْسِ الْجَيْشَ فَقَالَ:
وغارةٍ ذاتِ قَيْرَوَانٍ، ... كأَنَّ أَسْرابَها الرِّعالُ
وقَرَوْرى: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ الرَّاعِي:
تَرَوَّحْن مِنْ حَزْمِ الجُفُولِ فأَصْبَحَتْ ... هِضابُ قَرَوْرى، دُونها، والمُضَيَّحُ «٢»
الْجَوْهَرِيُّ: والقَرَوْرَى مَوْضِعٌ عَلَى طَرِيقِ الْكُوفَةِ، وَهُوَ مُتَعَشًّى بَيْنَ النُّقْرة وَالْحَاجِرِ؛ قال:
بَيْنَ قَرَوْرَى ومَرَوْرَياتِها
وَهُوَ فَعَوْعَلٌ؛ عَنْ سِيبَوَيْهِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَرَوْرًى مُنَوَّنَةٌ لأَن وَزْنَهَا فَعَوْعَلٌ. وَقَالَ أَبو عَلِيٍّ: وَزْنُهَا فَعَلْعَل مِنْ قَرَوْتُ الشَّيْءَ إِذَا تَتَبَّعْتَهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَعَوْعَلًا مِنَ الْقَرْيَةِ، وَامْتِنَاعُ الصَّرْفِ فِيهِ لأَنه اسْمُ بُقْعَةٍ بِمَنْزِلَةِ شَرَوْرَى؛ وأَنشد:
أَقولُ إِذا أَتَيْنَ عَلَى قَرَوْرَى، ... وآلُ البِيدِ يَطَّرِدُ اطِّرادا
والقَرْوَةُ: أَنْ يَعظُم جِلْدُ الْبَيْضَتَيْنِ لِرِيحٍ فِيهِ أَو مَاءٍ أَو لِنُزُولِ الأَمعاء، وَالرَّجُلُ قَرْوَانِي. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَرْجِعُ هَذِهِ الأُمة عَلَى قَرْوَاها
أَي عَلَى أَوّل أَمرها وَمَا كَانَتْ عَلَيْهِ، وَيُرْوَى
عَلَى قَرْوَائها
، بِالْمَدِّ. ابْنُ سِيدَهْ: القَرْيَة والقِرْيَة لُغَتَانِ الْمِصْرُ الْجَامِعُ؛ التَّهْذِيبُ: الْمَكْسُورَةُ يَمَانِيَةٌ، وَمِنْ ثَمَّ اجْتَمَعُوا فِي جَمْعِهَا عَلَى القُرى فَحَمَلُوهَا عَلَى لُغَةِ مَنْ يَقُولُ كِسْوة وكُساً، وَقِيلَ: هِيَ القَرْيَة، بِفَتْحِ الْقَافِ
لَا غَيْرَ، قَالَ: وَكَسْرُ الْقَافِ خطأٌ، وَجَمْعُهَا قُرًى، جاءَت نَادِرَةً. ابْنُ السِّكِّيتِ: مَا كَانَ مِنْ جَمْعِ فَعْلَة بِفَتْحِ الْفَاءِ مُعْتَلًّا مِنَ الْيَاءِ وَالْوَاوِ عَلَى فِعال كَانَ مَمْدُودًا مِثْلَ رَكْوة ورِكاء وشَكْوة وشِكاء وقَشْوة وقِشاء، قَالَ: وَلَمْ يُسْمَعْ فِي شَيْءٍ مِنْ جَمِيعِ هَذَا القصرُ إِلَّا كَوَّة وكُوًى وقَرْيَة وقُرًى، جاءَتا عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. الْجَوْهَرِيُّ: القَرْيَة مَعْرُوفَةٌ، وَالْجَمْعُ القُرَى عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن نَبِيًّا مِنَ الأَنبياء أَمر بقَرْية النَّمْلِ فأُحْرقتْ
؛ هِيَ مَسْكَنُها وَبَيْتُهَا، وَالْجَمْعُ قُرًى، والقَرْيَة مِنَ الْمَسَاكِنِ والأَبنية والضِّياع وَقَدْ تُطْلَقُ عَلَى الْمُدُنِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أُمِرْتُ بقَرْيَة تأْكل القُرى
؛ هِيَ مَدِينَةِ الرَّسُولِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعْنَى أَكلها الْقُرَى مَا يُفتح عَلَى أَيدي أَهلها مِنَ الْمُدُنِ وَيُصِيبُونَ مِنْ غَنائمها، وقوله تعالى: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها
؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: إِنما جَاءَ عَلَى اتِّسَاعِ الْكَلَامِ وَالِاخْتِصَارِ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ أَهل الْقَرْيَةِ فَاخْتَصَرَ وَعَمِلَ الْفِعْلُ فِي الْقَرْيَةِ كَمَا كَانَ عَامِلًا فِي الأَهل لَوْ كَانَ هَاهُنَا؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: فِي هَذَا ثَلَاثَةُ معانٍ: الِاتِّسَاعُ وَالتَّشْبِيهُ وَالتَّوْكِيدُ، أَما الِاتِّسَاعُ فإِنه اسْتَعْمَلَ لَفْظَ السُّؤَالِ مَعَ مَا لَا يَصِحُّ فِي الْحَقِيقَةِ سُؤَالُهُ، أَلا تَرَاكَ تَقُولُ وَكَمْ من قَرْيَة مسؤولة وَتَقُولُ القُرَى وَتَسَآلُكَ كَقَوْلِكَ أَنت وشأْنُك فَهَذَا وَنَحْوُهُ اتِّسَاعٌ، وأَما التَّشْبِيهُ فلأَنها شُبِّهَتْ بِمَنْ يَصِحُّ سُؤَالُهُ لِمَا كَانَ بِهَا وَمُؤَالِفًا لَهَا، وأَما التَّوْكِيدُ فلأَنه فِي ظَاهِرِ اللَّفْظِ إِحالة بِالسُّؤَالِ عَلَى مَنْ لَيْسَ مِنْ عَادَتِهِ الإِجابة، فكأَنهم تَضَمَّنُوا لأَبيهم، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنه إِن سأَل الْجَمَادَاتِ
(٢). قوله [قرورى] وقع في مادة جفل: شرورى بدله.