للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَي كَذِبٌ. وقال الأَخفش: بِدَمٍ كَذِبٍ

، جَعَلَ الدمَ كَذِباً، لأَنه كُذِبَ فِيهِ، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ. وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: هَذَا مَصْدَرٌ فِي مَعْنَى مَفْعُولٍ، أَراد بدَمٍ مَكْذُوب. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: بدَمٍ كذِبٍ أَي ذِي كَذِب؛ وَالْمَعْنَى: دَمٍ مَكْذُوبٍ فِيهِ.

وقُرِئَ بدَمٍ كَدِبٍ

، بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَرْجَمَةِ كَدَبَ. ابْنُ الأَنباري فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ

، قَالَ: سأَل سَائِلٌ كَيْفَ خَبَّر عَنْهُمْ أَنهم لَا يُكَذِّبُونَ النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، وَقَدْ كَانُوا يُظْهِرون تَكْذيبه ويُخْفُونه؟ قَالَ: فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقوال: أَحدها فإِنهم لَا يُكَذِّبُونَك بِقُلُوبِهِمْ، بَلْ يُكَذِّبُونَكَ بأَلسنتهم؛ وَالثَّانِي قراءَة نَافِعٍ وَالْكِسَائِيِّ، ورُويَتْ

عَنْ عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فإِنهم لَا يُكْذِبُونَك

، بِضَمِّ الياءِ، وَتَسْكِينِ الْكَافِ، عَلَى مَعْنَى لَا يُكَذِّبُونَ الَّذِي جِئْتَ بِهِ، إِنما يَجْحدون بِآيَاتِ اللَّهِ ويَتَعَرَّضُون لعُقوبته. وَكَانَ الْكِسَائِيُّ يَحْتَجُّ لِهَذِهِ القراءَة، بأَن الْعَرَبَ تَقُولُ: كَذَّبْتُ الرجلَ إِذا نَسَبَتْهُ إِلى الكَذِبِ؛ وأَكْذَبْتُه إِذا أَخبرت أَن الَّذِي يُحَدِّثُ بِهِ كَذِبٌ؛ قَالَ ابْنُ الأَنباري: وَيُمْكِنُ أَن يَكُونَ: فإِنهم لَا يُكْذِبُونَكَ، بِمَعْنَى لَا يَجدونَكَ كَذَّاباً، عِنْدَ البَحْث والتَّدَبُّر والتَّفْتيش. وَالثَّالِثُ أَنهم لَا يُكَذِّبُونَك فِيمَا يَجِدونه مُوَافِقًا فِي كِتَابِهِمْ، لأَن ذَلِكَ مِنْ أَعظم الْحُجَجِ عَلَيْهِمْ. الْكِسَائِيُّ: أَكْذَبْتُه إِذا أَخْبَرْتَ أَنه جاءَ بالكَذِبِ، وَرَوَاهُ: وكَذَّبْتُه إِذا أَخْبَرْتَ أَنه كاذِبٌ؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: أَكْذَبه وكَذَّبَه، بِمَعْنًى؛ وَقَدْ يَكُونُ أَكْذَبَه بِمَعْنَى بَيَّن كَذِبَه، أَو حَمَلَه عَلَى الكَذِب، وَبِمَعْنَى وجَدَه كَاذِبًا. وكاذَبْتُه مُكاذَبةً وكِذاباً: كَذَّبْتُه وكَذَّبني؛ وَقَدْ يُستعمل الكَذِبُ فِي غَيْرِ الإِنسان، قَالُوا: كَذَبَ البَرْقُ، والحُلُمُ، والظَّنُّ، والرَّجاءُ، والطَّمَعُ؛ وكَذَبَتِ العَيْنُ: خَانَهَا حِسُّها. وكذَبَ الرأْيُ: تَوهَّمَ الأَمرَ بخلافِ مَا هُوَ بِهِ. وكَذَبَتْهُ نَفْسُه: مَنَّتْهُ بِغَيْرِ الْحَقِّ. والكَذوبُ: النَّفْسُ، لِذَلِكَ قَالَ:

إِني، وإِنْ مَنَّتْنيَ الكَذُوبُ، ... لَعالِمٌ أَنْ أَجَلي قَريبُ

أَبو زَيْدٍ: الكَذُوبُ والكَذُوبةُ: مِنْ أَسماءِ النَّفْس. ابْنُ الأَعرابي: المَكْذُوبة مِنَ النساءِ الضَّعيفة. والمَذْكُوبة: المرأَة الصَّالِحَةُ. ابْنُ الأَعرابي: تَقُولُ الْعَرَبُ للكَذَّابِ: فلانٌ لَا يُؤَالَفُ خَيْلاه، وَلَا يُسايَرُ خَيْلاه كَذِباً؛ أَبو الْهَيْثَمِ، أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ لَبِيدٌ:

أَكْذِبِ النَّفْسَ إِذَا حَدَّثْتَها

يَقُولُ: مَنِّ نَفْسَكَ العَيْشَ الطويلَ، لتَأْمُلَ الآمالَ الْبَعِيدَةَ، فتَجِدَّ فِي الطَّلَب، لأَنَّك إِذا صَدَقْتَها، فقلتَ: لَعَلَّكِ تموتينَ اليومَ أَو غَدًا، قَصُرَ أَمَلُها، وضَعُفَ طَلَبُها؛ ثُمَّ قَالَ:

غَيْرَ أَنْ لَا تَكْذِبَنْها فِي التُّقَى

أَي لَا تُسَوِّفْ بِالتَّوْبَةِ، وتُصِرَّ عَلَى المَعْصية. وكَذَبَتْهُ عَفَّاقَتُه، وَهِيَ اسْتُه وَنَحْوُهُ كَثِيرٌ. وكَذَّبَ عَنْهُ: رَدَّ، وأَراد أَمْراً، ثُمَّ كَذَّبَ عَنْهُ أَي أَحْجَم. وكَذَبَ الوَحْشِيُّ وكَذَّبَ: جَرى شَوْطاً، ثُمَّ وَقَفَ لِيَنْظُرَ مَا وَرَاءَهُ. وَمَا كَذَّبَ أَنْ فَعَلَ ذَلِكَ تَكْذيباً أَي مَا كَعَّ وَلَا لَبِثَ. وحَمَلَ عَلَيْهِ فَمَا كَذَّبَ، بِالتَّشْدِيدِ، أَي

<<  <  ج: ص:  >  >>