للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كالاسْمِ، وَلَا تَدْخُلُ اللامُ مَعَ الْمَفْتُوحَةِ؛ فأَما قِرَاءَةُ

سَعِيدِ بْنِ جُبيَر: إلَّا أَنهم ليأْكلون الطَّعَامَ

، بِالْفَتْحِ، فَإِنَّ اللَّامَ زَائِدَةٌ كَزِيَادَتِهَا فِي قَوْلِهِ:

لَهِنَّك فِي الدُّنْيَا لبَاقيةُ العُمْرِ

الْجَوْهَرِيُّ: إنَّ وأَنَّ حَرْفَانِ يَنْصِبَانِ الأَسماءَ وَيَرْفَعَانِ الأَخبارَ، فالمكسورةُ مِنْهُمَا يُؤكَّدُ بِهَا الخبرُ، وَالْمَفْتُوحَةُ وَمَا بَعْدَهَا فِي تأْويل الْمَصْدَرِ، وَقَدْ يُخَفَّفان، فَإِذَا خُفِّفتا فَإِنْ شئتَ أَعْمَلْتَ وَإِنْ شِئْتَ لَمْ تُعْمِلْ، وَقَدْ تُزادُ عَلَى أَنَّ كافُ التَّشْبِيهِ، تَقُولُ: كأَنه شمسٌ، وَقَدْ تُخَفَّفُ أَيضاً فَلَا تعْمَل شَيْئًا؛ قَالَ:

كأَنْ ورِيداهُ رِشاءَا خُلُب

وَيُرْوَى: كأَنْ ورِيدَيْهِ؛ وَقَالَ آخَرُ:

ووَجْهٍ مُشْرِقِ النحرِ، ... كأَنْ ثَدْياه حُقَّانِ

وَيُرْوَى ثَدْيَيْه، عَلَى الإِعمال، وَكَذَلِكَ إِذَا حذفْتَها، فَإِنْ شِئْتَ نَصَبْتَ، وَإِنْ شِئْتَ رَفَعْتَ، قَالَ طَرَفَةُ:

أَلا أَيُّهَذا الزاجِرِي أَحْضُرَ الوغَى، ... وأَن أَشْهَدَ اللَّذَّاتِ، هَلْ أَنتَ مُخْلدي؟

يُرْوَى بِالنَّصْبِ عَلَى الإِعمال، والرفْعُ أَجود. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ، قَالَ النَّحْوِيُّونَ: كأَنَّ أَصلُها أَنَّ أُدخِلَ عَلَيْهَا كافُ التَّشْبِيهِ، وَهِيَ حرفُ تَشْبِيهٍ، والعربُ تَنْصِبُ بِهِ الاسمَ وَتَرْفَعُ خبرَه، وقال الْكِسَائِيُّ: قَدْ تَكُونُ كأَنَّ بِمَعْنَى الْجَحْدِ كَقَوْلِكَ كأَنك أميرُنا فتأْمُرُنا، مَعْنَاهُ لستَ أَميرَنا، قَالَ: وكأَنَّ أُخرى بِمَعْنَى التَّمَنِّي كَقَوْلِكَ كأَنك بِي قَدْ قلتُ الشِّعْرَ فأُجِيدَه، مَعْنَاهُ لَيْتَني قَدْ قلتُ الشِّعْرَ فأُجيدَه، وَلِذَلِكَ نُصِب فأُجيدَه، وَقِيلَ: تَجِيءُ كأَنَّ بِمَعْنَى الْعِلْمِ والظنِّ كَقَوْلِكَ كأَنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ، وكأَنك خارجٌ؛ وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: سَمِعْتُ الْعَرَبَ تُنشِد هَذَا الْبَيْتَ:

ويومٍ تُوافينا بوَجْهٍ مُقَسَّمٍ، ... كأَنْ ظَبْيَةً تَعْطُو إِلَى ناضِرِ السَّلَمْ

وكأَنْ ظَبْيَةٍ وكأَنْ ظَبْيَةٌ، فَمَنْ نَصَبَ أَرادَ كأَنَّ ظَبْيَةً فَخَفَّفَ وأَعْمَل، ومَنْ خفَض أَراد كظَبْيَةٍ، ومَن رَفَعَ أَراد كأَنها ظبْيَةٌ فخفَّفَ وأَعْمَل مَعَ إضمارِ الكِناية؛ الْجَرَّارُ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه أَنشد:

كأمَّا يحْتَطِبْنَ عَلَى قَتادٍ، ... ويَسْتَضْحِكْنَ عَنْ حَبِّ الغَمامِ

. قَالَ: يُرِيدُ كأَنما فَقَالَ كأَمَّا، وَاللَّهُ أَعلم. وإنِّي وإنَّني بِمَعْنًى، وَكَذَلِكَ كأَنِّي وكأَنَّني ولكنِّي وَلَكِنَّنِي لأَنه كثُر اسْتِعْمَالُهُمْ لِهَذِهِ الْحُرُوفِ، وَهُمْ قَدْ يَسْتَثْقِلون التَّضْعِيفَ فَحَذَفُوا النُّونَ الَّتِي تَلي الْيَاءَ، وَكَذَلِكَ لَعَلِّي ولَعَلَّني لأَن اللَّامَ قَرِيبَةٌ مِنَ النُّونِ، وَإِنْ زِدْتَ عَلَى إنَّ مَا صارَ للتَّعيين كَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ

، لأَنه يُوجِبُ إثْباتَ الْحُكْمِ لِلْمَذْكُورِ ونَفْيَه عَمَّا عَدَاهُ. وأَنْ قَدْ تَكُونُ مَعَ الْفِعْلِ الْمُسْتَقْبَلِ فِي مَعْنَى مصدرٍ فتَنْصِبُه، تَقُولُ: أُريد أَنْ تقومَ، وَالْمَعْنَى أُريد قيامَك، فَإِنْ دَخَلَتْ عَلَى فِعْلٍ ماضٍ كَانَتْ مَعَهُ بِمَعْنَى مصدرٍ قَدْ وقَع، إِلَّا أَنها لَا تَعْمَل، تَقُولُ: أَعْجَبَني أَن قُمْتَ وَالْمَعْنَى أَعجبني قيامُك الَّذِي مَضَى، وأَن قَدْ تَكُونُ مخفَّفة عَنِ المشدَّدة فَلَا تَعْمَلُ، تَقُولُ: بَلَغَني أَنْ زيدٌ خارجٌ؛ وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها

؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُهُ فَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>