للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تُكُونُ بِمَعْنَى إِلَّا مَعَ إِنَّ الَّتِي تَكُونُ جَحْدًا قولُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ؛ وَهِيَ قِرَاءَةُ قُرّاء الأَمْصار؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: وَهِيَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ:

إِنْ كلُّهم لَمَّا كَذَّبَ الرسلَ

، قَالَ: وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ. وَقَالَ الْخَلِيلُ: لَمَّا تُكُونُ انتِظاراً لِشَيْءٍ متوقَّع، وَقَدْ تَكُونُ انْقِطَاعَةً لِشَيْءٍ قَدْ مَضَى؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا كَقَوْلِكَ: لَمَّا غابَ قُمْتُ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: لَمَّا تَكُونُ جَحْدًا فِي مَكَانٍ، وَتَكُونُ وَقْتًا فِي مَكَانٍ، وَتَكُونُ انْتِظَارًا لِشَيْءٍ متوقَّع فِي مَكَانٍ، وَتَكُونُ بِمَعْنَى إِلَّا فِي مَكَانٍ، تَقُولُ: بِاللَّهِ لَمَّا قمتَ عَنَّا، بِمَعْنَى إِلَّا قمتَ عَنَّا؛ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ

، فَإِنَّهَا قُرِئَتْ مُخَفَّفَةً وَمُشَدَّدَةً، فَمَنْ خَفَّفَهَا جَعَلَ مَا صِلَةً، الْمَعْنَى وَإِنَّ كُلًّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ ربُّك أَعمالَهم، وَاللَّامُ فِي لَمَّا لَامُ إِنَّ، وَمَا زَائِدَةٌ مُؤَكَّدَةٌ لَمْ تُغيِّر الْمَعْنَى وَلَا العملَ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي لَمَا هَاهُنَا، بِالتَّخْفِيفِ، قَوْلًا آخَرَ جَعَلَ مَا اسْماً لِلنَّاسِ، كَمَا جَازَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَانْكِحُوا مَا طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ؛ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى مَن طابَ لَكُمْ؛ الْمَعْنَى وَإِنْ كُلًّا لَما ليوفِّينَهم، وَأَمَّا اللَّامُ الَّتِي فِي قَوْلِهِ لَيُوَفِّيَنَّهُمْ فَإِنَّهَا لامٌ دَخَلَتْ عَلَى نِيَّةِ يمينٍ فِيمَا بَيْنَ مَا وَبَيْنَ صِلَتِهَا، كَمَا تَقُولُ هَذَا مَنْ لَيذْهبَنّ، وَعِنْدِي مَنْ لَغيرُه خيْرٌ مِنْهُ؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ؛ وَأَمَّا مَن شدَّد لَمَّا مِنْ قَوْلِهِ لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ

فَإِنَّ الزَّجَّاجَ جَعَلَهَا بِمَعْنَى إِلَّا، وَأَمَّا الْفَرَّاءُ فَإِنَّهُ زَعَمَ أَنَّ مَعْنَاهُ لَمَنْ مَا، ثُمَّ قُلِبَتِ النُّونُ مِيمًا فَاجْتَمَعَتْ ثَلَاثُ مِيمَاتٍ، فَحُذِفَتْ إِحْدَاهُنَّ وَهِيَ الْوُسْطَى فَبَقِيَتْ لمَّا؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: وَهَذَا الْقَوْلُ لَيْسَ بِشَيْءٍ أَيْضًا لأَن مَنْ «١» .... لَا يَجُوزُ حَذْفُهَا لأَنها اسْمٌ عَلَى حَرْفَيْنِ، قَالَ: وَزَعَمَ الْمَازِنِيُّ أَنَّ لَمَّا أَصْلُهَا لمَا، خَفِيفَةٌ، ثُمَّ شدِّدت الْمِيمُ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: وَهَذَا الْقَوْلُ لَيْسَ بِشَيْءٍ أَيضاً لأَن الْحُرُوفَ نَحْوَ رُبَّ وَمَا أَشبهها يُخَفَّفُ، وَلَا يثَقّل مَا كَانَ خَفِيفًا فَهَذَا مُنْتَقِضٌ، قَالَ: وَهَذَا جَمِيعُ مَا قَالُوهُ فِي لمَّا مُشَدَّدَةً، وَمَا ولَما مُخَفَّفَتَانِ مَذْكُورَتَانِ فِي مَوْضِعِهِمَا. ابْنُ سِيدَهْ: ومِن خَفيفِه لَمْ وَهُوَ حَرْفٌ جَازِمٌ يُنْفَى بِهِ مَا قَدْ مَضَى، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ بَعْدَه إِلَّا بِلَفْظِ الْآتِي. التَّهْذِيبُ: وَأَمَّا لَمْ فَإِنَّهُ لَا يَلِيهَا إِلَّا الْفِعْلُ الغابِرُ وَهِيَ تَجْزِمُه كَقَوْلِكَ: لَمْ يفعلْ ولَمْ يسمعْ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ

؛ قَالَ اللَّيْثُ: لَمْ عزيمةُ فِعْلٍ قَدْ مَضَى، فَلَمَّا جُعِلَ الْفِعْلُ مَعَهَا عَلَى جِهَةِ الْفِعْلِ الْغَابِرِ جُزِمَ، وَذَلِكَ قَوْلُكَ: لَمْ يخرُجْ زيدٌ إِنَّمَا مَعْنَاهُ لَا خرَجَ زَيْدٌ، فَاسْتَقْبَحُوا هَذَا اللَّفْظَ فِي الْكَلَامِ فحمَلوا الْفِعْلَ عَلَى بِنَاءِ الْغَابِرِ، فَإِذَا أُعِيدَت لَا وَلَا مَرَّتَيْنِ أَوْ أَكثرَ حَسُنَ حِينَئِذٍ، لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى؛ أَيْ لَمْ يُصَدِّق ولَمْ يُصَلِّ، قَالَ: وَإِذَا لَمْ يُعد لَا فَهُوَ فِي الْمَنْطِقِ قَبِيحٌ، وَقَدْ جَاءَ؛ قَالَ أُمَيَّةُ:

وأيُّ عَبدٍ لَكَ لَا أَلَمَّا؟

أَيْ لَمْ يُلِمَّ. الْجَوْهَرِيُّ: لمْ حرفُ نَفْيٍ لِما مَضَى، تَقُولُ: لَمْ يفعلْ ذَاكَ، تُرِيدُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْفِعْلُ مِنْهُ فِيمَا مَضَى مِنَ الزَّمَانِ، وَهِيَ جَازِمَةٌ، وَحُرُوفُ الْجَزْمِ: لَمْ ولَمَّا وأَلَمْ وأَلَمّا؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَمْ نفيٌ لِقَوْلِكَ هُوَ يَفْعَلُ إِذَا كَانَ فِي حَالِ الْفِعْلِ، ولَمَّا نفْيٌ لِقَوْلِكَ قَدْ فَعَلَ، يَقُولُ الرجلُ: قَدْ ماتَ فلانٌ، فَتَقُولُ: لَمَّا ولَمْ يَمُتْ، ولَمَّا أَصله لَمْ أُدخل عَلَيْهِ مَا، وَهُوَ يَقَعُ مَوْقِعَ لَمْ، تَقُولُ: أَتيتُك ولَمَّا أَصِلْ إِلَيْكَ أَيْ وَلَمْ أَصِلْ إِلَيْكَ، قَالَ: وَقَدْ يَتَغَيَّرُ مَعْنَاهُ عَنْ مَعْنَى لَمْ فَتَكُونُ جَوَابًا وَسَبَبًا لِما وقَع ولِما لَمْ يَقع، تَقُولُ: ضَرَبْتُهُ لَمَّا ذهبَ وَلَمَّا لَمْ يذهبْ، وَقَدْ يُخْتَزَلُ الْفِعْلُ بَعْدَهُ تَقُولُ: قاربْتُ المكانَ ولَمَّا، تُرِيدُ ولمَّا أَدخُلْه؛ وَأَنْشَدَ ابْنُ بري:


(١). هكذا بياض بالأصل

<<  <  ج: ص:  >  >>