للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللَّقوح

؛ يَقُولُ لَا أَقْرَأُ جُزْئِي بِمَرَّةٍ وَلَكِنْ أَقْرَأُ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ فِي آنَاءِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، مُشْتَقٌّ مِنْ فُوَاق النَّاقَةِ، وَذَلِكَ أَنَّهَا تُحلب ثُمَّ تُتْرَكُ سَاعَةً حَتَّى تَدِرَّ ثُمَّ تُحْلَبُ، يُقَالُ مِنْهُ: فاقت تَفُوق فُواقاً وفِيقةً؛ وَأَنْشَدَ:

فأضْحَى يَسُحُّ الماءَ مِنْ كُلِّ فِيقةٍ

والفِيقَةُ، بِالْكَسْرِ: اسْمُ اللَّبَنِ الَّذِي يَجْتَمِعُ بَيْنَ الْحَلْبَتَيْنِ، صَارَتِ الْوَاوُ يَاءً لِكَسْرَةِ مَا قَبْلَهَا؛ قَالَ الأَعشى يَصِفُ بَقَرَةً:

حَتَّى إِذَا فِيقة فِي ضَرْعِهَا اجْتَمَعَتْ، ... جَاءَتْ لتُرْضِع شِقَّ النَّفْسِ، لَوْ رَضَعا

وَجَمْعُهَا فِيقٌ وأفْواقٌ مِثْلُ شِبْر وَأَشْبَارٌ، ثُمَّ أفاوِيقُ؛ قَالَ ابْنُ هَمّام السَّلُولِيُّ:

وذَمُّوا لَنَا الدُّنْيا، وَهُمْ يَرْضَعُونها ... أفاوِيقَ، حَتَّى مَا يَدِرُّ لَهَا ثعْلُ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ تُجْمَعَ فِيقةٌ عَلَى فِيَقٍ، ثُمَّ تُجْمَعُ فِيَقٌ عَلَى أفْواقٍ، فَيَكُونُ مِثْلَ شِيعَةٍ وشِيَعٍ وأَشْيَاعٍ؛ وَشَاهِدُ أَفَوَاقٍ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

تَعْتادُهُ زَفَرَاتٌ حِينَ يَذْكرُها، ... يَسْقِينَهُ بكؤوس الْمَوْتِ أفْواقا

وفَوَّقْتُ الْفَصِيلَ أَيْ سَقَيْتُهُ اللَّبَنَ فُواقاً فُواقاً. وتَفَوَّقَ الْفَصِيلُ إِذَا شَرِبَ اللَّبَنَ كَذَلِكَ؛ وَقَوْلُهُ أَنْشَدَهُ أَبُو حَنِيفَةَ:

شُدَّت بِكُلِّ صُهَابيٍّ تَئِطُّ بِهِ، ... كَمَا تَئِطُّ إِذَا مَا رُدَّتِ الفُيُقُ

فَسَّرَ الفُيُقَ بِأَنَّهَا الإِبل الَّتِي يَرْجِعُ إِلَيْهَا لِبَنُهَا بَعْدَ الْحَلْبِ، قَالَ: وَالْوَاحِدَةُ مُفِيقٌ؛ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: أَمَّا الفُيُقُ فَلَيْسَتْ بِجَمْعِ مُفِيق لأَن ذَلِكَ إِنَّمَا يُجْمَعُ عَلَى مَفَاوق ومفَاوِيق، وَالَّذِي عِنْدِي أَنَّهَا جَمْعُ نَاقَةٍ فَووق، وَأَصْلُهُ فُوُقٌ فَأَبْدَلَ مِنَ الْوَاوِ يَاءً اسْتِثْقَالًا لِلضَّمَّةِ عَلَى الْوَاوِ، وَيُرْوَى الفِيَقُ، وَهُوَ أَقْيَسُ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: مَا لَها مِنْ فَواقٍ

؛ فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: مَعْنَاهُ مِنْ فَتْرَةٍ، قَالَ الْفَرَّاءُ: مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ، يُقْرَأُ بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ، أَيْ مَا لَهَا مِنْ رَاحَةٍ وَلَا إِفَاقَةٍ وَلَا نَظْرَةٍ، وَأَصْلُهَا مِنَ الإِفاقة فِي الرَّضَاعِ إِذَا ارْتَضَعَتِ البَهْمةُ أُمَّها ثُمَّ تَرَكَتْهَا حَتَّى تُنْزِلَ شَيْئًا مِنَ اللَّبَنِ فَتِلْكَ الإِفاقة الفَواقُ. وَرُوِيَ عَنِ

النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: عِيَادَةُ الْمَرِيضِ قَدْرُ فُوَاقِ ناقةٍ.

وَتَقُولُ الْعَرَبُ: مَا أَقَامَ عِنْدِي فُواقَ ناقةٍ، وَبَعْضٌ يَقُولُ فَوَاق نَاقَةٍ بِمَعْنَى الإِفاقة كإفاقةِ المَغْشِيّ عَلَيْهِ؛ تَقُولُ: أفَاقَ يُفِيقُ إفَاقَةً وفَواقاً؛ وَكُلُّ مغشيٍّ عَلَيْهِ أَوْ سَكْرَانَ معتوهٍ إِذَا انْجَلَى ذَلِكَ عَنْهُ قِيلَ: قَدْ أفاقَ واسْتَفَاقَ؛ قَالَتِ الْخَنْسَاءُ:

هَرِيقي مِنْ دُوموعك واسْتَفيقي ... وصَبراً إِنْ أَطقْتِ وَلَنْ تُطِيقي

قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مِنْ قَرَأَ مِنْ فَوَاقٍ، بِالْفَتْحِ، أَرَادَ مَا لَهَا مِنْ إفاقةٍ وَلَا رَاحَةٍ، ذَهَبَ بِهَا إِلَى إِفَاقَةِ الْمَرِيضِ، وَمَنْ ضَمَّهَا جَعَلَهَا مِنْ فُوَاق النَّاقَةِ، وَهُوَ مَا بَيْنَ الْحَلْبَتَيْنِ، يُرِيدُ مَا لَهَا مِنِ انْتِظَارٍ. قَالَ قَتَادَةُ: مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ مِنْ مَرْجُوعٍ وَلَا مَثْنَوِيّةٍ وَلَا ارْتِدَادٍ. وتَفَوَّقَ شرابَهُ: شَرِبَهُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ. وَخَرَجُوا بَعْدَ أفاوِيق مِنَ اللَّيْلِ أَيْ بَعْدَ ما مَضَى عَامَّةُ اللَّيْلِ، وَقِيلَ: هُوَ كَقَوْلِكَ بَعْدَ أَقْطَاعٍ مِنَ اللَّيْلِ؛ رَوَاهُ ثَعْلَبٌ. وفِيقةُ الضُّحَى: أوَّلها. وأَفاق العليلُ إِفَاقَةً واسْتَفاقَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>