للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعَرْضُ كُلِّ حبلٍ مِيلٌ، وَكَذَلِكَ عرضُ كلِّ شَيْءٍ شَقِيقةٌ، وَأَمَّا قَدْرُهَا فِي الطول فما بَيْنَ يَبْرين إِلَى يَنْسوعةِ القُفّ، فَهُوَ قَدْرُ خَمْسِينَ مِيلًا. والشَّقِيقةُ: الْفُرْجَةُ بَيْنَ الْحَبْلَيْنِ مِنْ حِبَالِ الرَّمْلِ تُنْبِتُ الْعُشْبَ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الشَّقِيقة لَيِّنٌ مِنْ غِلَظ الأَرض يَطُولُ مَا طَالَ الْحَبْلُ، وَقِيلَ: الشَّقِيقةُ فُرْجة فِي الرِّمَالِ تُنْبِتُ الْعُشْبَ، وَالْجَمْعُ الشَّقائِقُ؛ قَالَ شَمْعَلة بْنُ الأَخضر:

ويومَ شَقِيقة الحسَنَيْنِ لاقَتْ ... بَنُو شَيْبانَ آجَالًا قِصارا

وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

جِماد وشَرْقيّات رَمْلِ الشَّقائِق

والحَسَنانِ: نَقَوانِ مِنْ رَمْلِ بَنِي سَعْدٍ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وَقَالَ لِي أَعرابي هُوَ مَا بَيْنَ الأَمِيلَينِ يَعْنِي بالأَمِيل الحبلَ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَمْرٍو: فِي الأَرض الْخَامِسَةِ حيَّاتٌ كالخَطائِط بَيْنَ الشَّقائِق

؛ هِيَ قِطَعٌ غِلَاظٌ بَيْنَ حِبَالِ الرَّمْلِ، واحدتُها شَقِيقةٌ، وَقِيلَ: هِيَ الرِّمَالُ نَفْسُهَا. والشَّقِيقةُ والشَّقُوقةُ: طائرٌ. والأَشَقُّ: اسْمُ بَلَدٍ؛ قَالَ الأَخطل:

فِي مُظْلِمٍ غَدِقِ الرَّبابِ، كأَنَّما ... يَسْقِي الأَشَقَّ وعالِجاً بِدَوالي

والشِّقْشِقةُ: لَهاةُ الْبَعِيرِ وَلَا تَكُونُ إِلَّا لِلْعَرَبِيِّ مِنَ الإِبل، وَقِيلَ: هُوَ شَيْءٌ كالرِّئة يُخْرِجُهَا الْبَعِيرُ مِنْ فِيهِ إِذَا هَاجَ، وَالْجَمْعُ الشَّقاشِقُ، وَمِنْهُ سُمّي الْخُطَبَاءُ شَقاشِقَ، شَبَّهوا المِكْثار بِالْبَعِيرِ الْكَثِيرِ الهَدْرِ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الخُطَبِ مِنْ شقاشِق الشَّيْطَانِ

، فَجَعَلَ لِلشَّيْطَانِ شَقاشِقَ ونسبَ الخطبَ إِلَيْهِ لِما يَدْخُلُ فِيهَا مِنَ الْكَذِبِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: شَبَّهَ الَّذِي يَتَفَيْهَقُ فِي كَلَامِهِ ويَسْرُده سَرْداً لَا يُبَالِي مَا قَالَ مِنْ صِدْقٍ أَوْ كَذِبٍ بِالشَّيْطَانِ وإسْخاطه رَبَّهُ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلْخَطِيبِ الجَهِرِ الصَّوْتِ الْمَاهِرِ بِالْكَلَامِ: هُوَ أَهْرَتُ الشِّقْشِقة وهَرِيتُ الشّدْق؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ مُقْبِلٍ يَذْكُرُ قَوْمًا بالخَطابة:

هُرْتُ الشَّقاشِقِ ظَلَّامُون للجُزُرِ

قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْعَرَبِ يَقُولُ للشِّقْشِقة شِمْشِقةٌ، وَحَكَاهُ شَمِرٌ عَنْهُمْ أَيضاً. وشَقْشَقَ الفحلُ شَقْشَقةً: هدَر، والعصفورُ يُشَقْشِقُ فِي صَوْتِهِ، وَإِذَا قَالُوا لِلْخَطِيبِ ذو شِقْشِقةٍ قإنما يُشَبَّهُ بِالْفَحْلِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعشى:

واقْنَ فَإِنِّي فَطِنٌ عالمٌ، ... أَفْطَعُ مِنْ شِقْشِقةِ الهادرِ

وَقَالَ النَّضْرُ: الشِّقْشِقةُ جِلْدَةٌ فِي حَلْقِ الْجَمَلِ الْعَرَبِيِّ يَنْفُخُ فِيهَا الرِّيحَ فَتَنْتَفِخُ فَيَهْدِرُ فِيهَا. قَالَ ابْنُ الأَثير: الشِّقْشِقةُ الجلدةُ الْحَمْرَاءُ الَّتِي يُخْرِجُهَا الْجَمَلُ مِنْ جَوْفِهِ يَنْفُخُ فِيهَا فَتَظْهَرُ مِنْ شِدْقِه، وَلَا تَكُونُ إِلَّا لِلْجَمَلِ الْعَرَبِيِّ، قَالَ: كَذَا قَالَ الْهَرَوَيُّ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ شَبَّهَ الفصيحَ المِنْطِيقَ بِالْفَحْلِ الْهَادِرِ ولِسانَه بشِقْشِقَتهِ ونسَبها إِلَى الشَّيْطَانِ لِمَا يَدْخُلُ فِيهِ مِنَ الْكَذِبِ وَالْبَاطِلِ وكونِه لَا يُبالي بِمَا قَالَ، وأَخرجه الْهَرَوِيُّ عَنْ عَلِيٍّ، وَهُوَ فِي كِتَابِ أَبي عُبَيْدَةَ وَغَيْرِهِ عَنْ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجمعين. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فِي خُطْبَةٍ لَهُ: تِلْك شِقْشِقَةٌ هَدَرَتْ ثُمَّ قَرَّتْ

؛ وَيُرْوَى لَهُ فِي شِعْرٍ:

لِساناً كشِقْشِقةِ الأَرْحَبيِّ، ... أَو كالحُسامِ اليَماني الذَّكَرْ

وَفِي حَدِيثِ

قُسّ: فَإِذَا أَنا بالفَنِيق يُشَقْشِقُ النُّوقَ

؛

<<  <  ج: ص:  >  >>