للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: هَذِه لُغَة من يهمز مَا لَيْسَ بمهموز.

قَالَ: وَالنَّاس كلهم يَقُولُونَ، إِذا كَانَت الْهمزَة طرفا، وَقبلهَا سَاكن، حذفوها فِي الْخَفْض وَالرَّفْع، واثبتوها فِي النصب، الا الْكسَائي وَحده، فانه يثبتها كلهَا.

قَالَ وَإِذا كَانَت الْهمزَة وسطى اجْمَعُوا كلهم على ان لَا تسْقط.

قَالَ وَاخْتلف الْعلمَاء باى صُورَة تكون الْهمزَة، فَقَالَت طَائِفَة: نكتبها بحركة مَا قبلهَا وهم الْجَمَاعَة، وَقَالَ اصحاب الْقيَاس: نكتبها بحركة نَفسهَا، واحتجت الْجَمَاعَة بَان الْخط يَنُوب عَن اللِّسَان.

قَالَ وانما يلْزمنَا ان نترجم بالخط مَا نطق بِهِ اللِّسَان.

قَالَ أَبُو الْعَبَّاس وَهَذَا هُوَ الْكَلَام.

قَالَ: وَمِنْهَا اجْتِمَاع الهمزتين بمعنيين وَاخْتِلَاف النَّحْوِيين فيهمَا.

قَالَ الله عزوجل: أأنذرتهم ام لم تنذرهم لَا يُؤمنُونَ.

من الْقُرَّاء من يُحَقّق الهمزتين فيقرا أأنذرتهم، قرا بِهِ عَاصِم وَحَمْزَة وَالْكسَائِيّ، وقرا أَبُو عَمْرو آأنذرتهم مُطَوَّلَة، وَكَذَلِكَ جَمِيع مَا اشبهه نَحْو قَوْله تَعَالَى: آانت قلت للنَّاس، آألد وانا عَجُوز، آاله مَعَ الله، وَكَذَلِكَ قرا ابْن كثير وَنَافِع وَيَعْقُوب بِهَمْزَة مُطَوَّلَة، وقرا عبد الله بن ابي اسحق آأنذرتهم بالف بَين الهمزتين، وَهِي لُغَة سائرة بَين الْعَرَب.

قَالَ ذُو الرمة: تطاللت، فاستشرفته، فعرفته، فَقلت لَهُ: آأنت زيد الارانب؟ وَأنْشد احْمَد بن يحيى: خرق إِذا مَا الْقَوْم أجروا فكاهة * تذكر آإياه يعنون أم قردا؟ وَقَالَ الزّجاج: زعم سِيبَوَيْهٍ أَن من الْعَرَب من يُحَقّق الْهمزَة وَلَا يجمع بَين الهمزتين، وَإِن كَانَتَا من كَلِمَتَيْنِ.

قَالَ: وَأهل الْحجاز لَا يحققون وَاحِدَة مِنْهُمَا.

وَكَانَ الْخَلِيل يري تَخْفيف الثَّانِيَة، فَيجْعَل الثَّانِيَة بَين الْهمزَة والالف وَلَا يَجْعَلهَا ألفا خَالِصَة.

قَالَ: وَمن جعلهَا ألفا خَالِصَة، فقد اخطا من جِهَتَيْنِ: إِحْدَاهمَا أَنه جمع بَين ساكنين، والاخرى أَنه أبدل من همزَة متحركة، قبلهَا حَرَكَة، ألفا، وَالْحَرَكَة الْفَتْح.

قَالَ: وانما حق الْهمزَة، إِذا تحركت وَانْفَتح مَا قبلهَا، ان تجْعَل بَين بَين، أَعنِي بَين الْهمزَة وَبَين الْحَرْف الَّذِي مِنْهُ حركتها، فَتَقول فِي سَالَ سَالَ، وَفِي رؤف رؤف، وَفِي بئس بئس، وَهَذَا فِي الْخط وَاحِد، وانما تحكمه بالمشافهة.

قَالَ: وَكَانَ غير الْخَلِيل يَقُول فِي مثل قَوْله " فقد جَاءَ اشراطها " أَن تخفف الاولى.

قَالَ سِيبَوَيْهٍ: جمَاعَة من الْعَرَب يقراون: فقد جَاءَ اشراطها، يحققون الثَّانِيَة ويخففون الاولى.

قَالَ والى هَذَا ذهب أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء.

قَالَ: وَأما الْخَلِيل، فانه يقْرَأ بتحقيق الاولى وَتَخْفِيف الثَّانِيَة.

قَالَ: وانما اخْتَرْت تَخْفيف الثَّانِيَة لِاجْتِمَاع النَّاس على بدل الثَّانِيَة فِي قَوْلهم: آدم وَآخر، لَان الاصل فِي آدم أأدم، وَفِي آخر أأخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>