للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كبرت سنه وضعفت قوته وولت عنه المكاسب فأجر عليه من بيت مال المسلمين ما يصلحه، فقد بلغني: أن عمر بن الخطاب مرَّ بشيخ من أهل الذمة يسأل على أبواب الناس، فقال: ما أنصفناك إن كنا أخذنا منك الجزية في شبيبتك ثم ضيعناك في كبرك، ثم أجرى عليه من بيت المال ما يصلحه) (١).

سابعًا: أنَّها (مبنيَّة على مصالح العباد) (٢)، قال ابن قيم الجوزية: (هذا فصل عظيم النفع جدًّا، وقع بسبب الجهل به غلط عظيم على الشريعة أوجب من الحرج والمشقة وتكليف ما لا سبيل إليه ما يعلم أن الشريعة الباهرة التي في أعلى رتب المصالح لا تأتي به، فإنَّ الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث، فليست من الشريعة وإن أدخلت فيها بالتأويل، فالشريعة عدل اللَّه بين عباده، ورحمته بين خلقه، وظله في أرضه، وحكمته


(١) عبد الكريم زيدان: المرجع السابق نفسه: ص: (٤٦)، وانظر: القاضي أبو يوسف: كتاب الخراج: ص: (١٢٦)، أورد قصة عمر بن الخطاب مع ذلك الرجل المسن من أهل الذمة وما تفضل به أمير المؤمنين -رضي اللَّه عنه- من عطاء له ولأمثاله من أهل الذمة. . ولكن لم أجد لكتاب عمر بن عبد العزيز -رضي اللَّه عنه- المشار إليه أي ذكر على الرغم من البحث المتقصي في سائر الكتاب، ولكن توجد مواقف كثيرة تدل على الإحسان بأهل الذمة؛ انظر: المرجع نفسه: ص: (١٢٢ - ١٢٦)، طبعة دار المعرفة، بيروت، (بدون تاريخ)، وانظر: أبو عبيد القاسم بن سلم: كتاب الأموال: ص: (٤٦ - ٥٤)، تحقيق: محمد خليل هراس، الطبعة الأولى: (١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م)، عن دار الكتب العلمية، بيروت.
(٢) ابن قيم الجوزية: أعلام الموقعين عن رب العالمين: (٣/ ١١)، (مرجع سابق)

<<  <  ج: ص:  >  >>