للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= حدّثنا الزُّهريّ، أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، أنه سمع ابن عباس يحدث عن ميمونة: أن فأرة وقعت في سمن فماتت، فسئل النَّبيّ - صَلَّى الله عليه وسلم - عنها؟ فقال: "ألقوها وما حولها وكلوه". قيل لسفيان: فإن معمراً يحدثه عن الزُّهريّ، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة. قال: ما سمعت الزُّهريّ يقوله إلَّا عن عبيد الله، عن ابن عباس، عن ميمونة، عن النَّبيِّ - صَلَّى الله عليه وسلم -، ولقد سمعته منه مراراً. حدّثنا عبدان، حدّثنا عبد الله - يعني: ابن المبارك -، عن يونس، عن الزُّهريّ: أنه سئل عن الدابة تموت في الزيت أو السمن وهو جامد أو غير جامد - الفأرة أو غيرها - قال: بلغنا أن رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - أمر بفأرة ماتت في سمن، فأمر بما قرب منها فطرح، ثم أكل" من حديث عبيد الله بن عبد الله، ثم رواه من طريق مالك، كما رواه من طريق ابن عيينة.
وهذا الحديث رواه النَّاس عن الزُّهريّ، كما رواه ابن عيينة بسنده ولفظه، وأما معمر فاضطرب فيه في سنده ولفظه، فرواه تارة عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، وقال فيه: "وإن كان جامداً فألقوها وما حولها، وإن كان مائعاً فلا تقربوه". وقيل عنه: "وإن كان مائعاً فاستصبحوا به". واضطرب على معمر فيه، وظن طائفة من العلماء: أن حديث معمر محفوظ، فعملوا به، وممن يثبته: محمد بن يحيى الذهلي فيما جمعه من حديث الزُّهريّ، وكذلك احتجّ به أحمد لما أفتى بالفرق بين الجامد والمائع، وكان أحمد يحتجّ أحياناً بأحاديث، ثم يتبين له أنها معلولة، كاحتجاجه بقوله: "لا نذر في معصية، وكفارته كفارة يمين"، ثم تبين له بعد ذلك أنه معلول، فاستدل بغيره.
وأما البُخاريّ والترمذي وغيرهما، فعلّلوا حديث معمر، وبيَّنوا غلطه، والصواب معهم. فذكر البُخاريّ هنا عن ابن عيينة أنه قال: سمعته من الزُّهريّ مراراً، لا يرويه إلَّا عن عبيد الله بن عبد الله، وليس في لفظه إلَّا قوله: "ألقوها وما حولها وكلوه". وكذلك رواه مالك وغيره، وذكر من حديث يونس: أن الزُّهريّ سئل عن الدابة تموت في السمن الجامد وغيره؟ فأفتى بأن النَّبيَّ - صَلَّى الله عليه وسلم - أمر بفأرة ماتت في سمن، فأمر بما قرب منها فطرح. فهذه فتيا الزُّهريّ في الجامد وغير الجامد، فكيف يكون قد روى في هذا الحديث الفرق بينهما، وهو يحتجّ على استواء حكم النوعين بالحديث، ورواه بالمعنى. =

<<  <   >  >>