فإن عقد البيع صوري وليس حقيقياً، وكونه يراد منه التمويل في الحقيقة، نقول: هذا التمويل ليس تمويلاً إسلاميا وإنما هو تمويل صوري لأجل التحايل على التمويل الربوي.
ومن ذلك طريقة المداينة التي يستعملها كثير من الناس، وهي أن يتفق الدائن والمدين أولا على المعاشرة، يتفق معه على الدراهم، يقول: أريد عشرة آلاف ريال، العشرة بعشرة ونصف مثلا، ثم يذهب الدائن والمدين إلى صاحب دكان عنده أموال مكدسة إما سكر أو ربطات خام أو غيرها فيشتريها الدائن شراء صوريا ليس له بها غرض سوى الوصول إلى بيع العشرة بعشرة ونصف. والدليل على أنه شراء صوري أنه لا يكاسر بالثمن ولا يقلب السلعة ولا يفتشها كما يفعل المشتري حقيقة، وربما كانت هذه الأموال أفسدها طول الزمن أو أكلتها الأرضة لأنها لم تنقل ولم تقلب ولم تفتش، وبعد هذا الشراء الصوري يبيع الدائن هذه السلع على المدين بما اتفقا عليه من الربح، ثم يعود المدين فيبيعها على صاحب الدكان ويخرج بدراهم. وهذا العمل بعينه هو ما حكاه شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب إبطال التحليل من جملة صور الحيل، حيث قال ﵀:«وكذلك بلغني أن من الباعة من قد أعد بزا لتحليل الربا، فإذا جاء إلى من يريد أن يأخذ منه ألفا بألف ومائتين، ذهبا إلى ذلك المحلل فاشترى منه المعطى ذلك البز ثم يعيده للآخذ، ثم يعيده الآخذ إلى صاحبه وقد عرف الرجل بذلك بحيث إن هذا البز الذي يحلل به الربا لا يكاد يبيعه البيع البات، انتهى. وقد قال قبل ذلك سبحان الله العظيم أن يعود الربا الذي عظم الله شأنه في القرآن وأوجب محاربة مستحله ولعن آكله وموكله وكاتبه وشاهديه وجاء فيه من الوعيد ما لم يجئ في غيره، إلى أن يستحل بأدنى سعي من غير كلفة أصلا إلا بصورة عقد هي عبث ولعب»(١).