(بل هو نذر بصيغتة ويمين بموجبه) يريد به أنه قبل إصدار هذه الصيغة كان صوم رجب لم يكن واجبًا عليه، فبالنذر يصير واجبًا وباليمين أيضًا يصير واجبًا، لكن عند إرادة اليمين يكون الوجوب لغيره، وهذه الإرادة صحيحة بالإجماع من هذه الصيغة؛ بدليل أنه إذا نوى اليمين ونوى أن لا يكون نذرًا يصير يمينًا بالإجماع.
علم أن إرادة الوجوب لغيره من هذه الصيغة صحيحة، فإذا نوى اليمين ولم ينف النذر حصل فيه دليلان: أحدهما يدل على الوجوب لعينه وهو الصيغة، والآخر يدل على الوجوب لغيره، فنعمل بالدليلين إذ لا تنافي بينهما؛ لأن الواجب لعينه يجوز أن يكون واجبًا لغيره مع ذلك.
ألا ترى أنه لو حلف ليصلين ظهر هذا اليوم صح حتى أنه لو لم يصل يجب عليه القضاء باعتبار أنه أوجب لعينه، وتجب الكفارة باعتبار أنه ترك الواجب لغيره وهو محافظة اسم الله تعالى، فلما جاز الاجتماع بينهما ولا تنافي، فنعمل بهما فيما نحن فيه وهو عمل بموجبين مختلفين لا أنه جمع بين الحقيقة والمجاز كالهبة بشرط العوض هبة وبيع، لأنه هبة باعتبار صيغته وبيع باعتبار معناه.
إذ البيع هو مبادلة المال بالمال بالتراضي وهو موجود هاهنا، فقلنا بهما عند وجود الدليل عليهما، وكما ذكر في الكتاب بقوله: