قلت: منع بعض مشايخنا- رحمهم الله- تأخير النبي عليه الصلاة والسلام من السنة التي أدركه الخطاب، فقالوا: نزول فرضية الحج بقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} وإنما نزلت هذه الآية في سنة عشر، وإنما النازل في سنة ست قوله تعالى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}.
وهذا أمر بالإتمام لمن شرع فيهن فلا يثبت به ابتداء الفرضية مع أن التأخير إنما لا يحل لما فيه من التعريض للفوت، ورسول الله عليه الصلاة والسلام كان يأمن من ذلك؛ لأنه مبعوث لبيان الأحكام للناس، والحج من أركان الدين، فأمن أن يموت قبل أن يبينه للناس بفعله.
ولأن تأخيره كان لعذر، وذلك أن المشركين كانوا يطوفون بالبيت عراة ويلبون تلبية فيها شرك، وما كان التغيير ممكنًا للعهد، حتى إذا تمت المدة بعث عليا- رضي الله عنه- حتى قرأ عليهم سورة براءة، ونادى أن:"لا يطوفن بهذا البيت بعد هذا العام مشرك ولا عريان" ثم حج بنفسه.