للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليمين إنما تعقد للبر فلابد من تصور البر ليمكن إيجابه، وشرب الماء المعدوم غير متصور فلذلك لم تنعقد اليمين، فكذلك هاهنا تزوج جميع نساء العالم، أو اشتراء جميع عبيد العالم، أو شرب جميع المياه في العالم غير متصور للواحد، فينبغي أن لا تنعقد يمينه، وأن تلغو إرادته الجميع لعدم تصورها، فتبقي يمينه هذه خالية عن النية فعند ذلك يقع الواحد علي ما ذكرت.

قلت: الجواب عنه من وجهين:

أحدهما\ أن نيته هاهنا صادفت حقيقة كلامه، والحقيقة حقيق بأن تراد، فبعد ذلك لم يعتبر التصور وعدم التصور بخلاف مسألة الكوز، فإن يمينه هناك لم تصادف حقيقة كلامه؛ لأنه لا حقيقة لشرب الماء المعدوم كلامه من الأصل.

والثاني- إن لكلامه هنا محملًا متصور البر وهو الحمل علي الأقل، فصح يمينه كذلك لتصوره، فبعد ذلك عند إرادته الجميع لا تلغي يمينه بعد صحتها ولأنه لا يتفاوت الحكم بين أن تصح يمينه أو لا تصح؛ لأن علي تقدير الصحة لا يحنث أيضًا لما أن نيته الجميع صادفت حقيقة كلامه فلا يحنث في يمينه؛ لأنه بر في يمينه حيث لم يتزوج جميع نساء العالم، ولم يشتر جميع العبيد في العالم كما هو نيته.

وأما في مسالة الكوز فليس ليمينه محل آخر متصور الوجود حتى تنعقد يمينه باعتباره، فلذلك لغت يمينه من الأصل ولم ينعقد؛ لأنا إذا بقيناه جمعا لغا حرف العهد أصلا يعني اجتمع هاهنا شيئان متعارضان: صيغة الجمع.

<<  <  ج: ص:  >  >>