الأشياء بهذه الصفات حجة لمن جعل العقل حجة موجبة فيما ادعاه من الحكم، بأن العقل حجة موجبة في جميع الأشياء؛ لأن العقل كما يوجب أن يكون هذه الأشياء على هذه الصفات، كذلك الشرع يوجب ذلك أيضًا، قال تعالى:(وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ).
وقال تعالى:(إِنَّ اللَّهَ يَامُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ)، ويدخل تحت ذكر الفحشاء والمنكر كل ما يستقبحه العقل والشرع.
وكذلك من كان في مغارة فتصدى له طريقان للوصول إلى المقصد، أحدهما يخاف فيه المهالك والآخر لا يخاف فيه المهالك، فالعقل يحكم بالسلوك في هذا الطريق الذي لا يخاف فيه المهالك وكذلك الشرع. قال الله تعالى:(وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ).
فعلم بهذا أنه لا دليل له على أن العقل موجب بذاته حسن ما هو حسن وقبح ما قبيح، بل الموجب هو الله تعالى في الحقيقة.
ألا ترى أن الله تعالى لم يخل زمانًا من الشرع، قال الله تعالى:(وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ)؛ وهذا لأن من المشروعات ما لا يدركه العقل أصلًا