(غير أن ذلك رخصة إسقاط) أي سقط تعين اللغة الواحدة في القراءة، فصار في حق عدم التعين نظير كفارة اليمين، فإن العزيمة في الأول كانت أن يقرأ القرآن بلغة قريش لا بلغات أخر من القبائل، ثم بدعوة رسول الله عليه السلام سقطت هذه العزيمة أصلًا ولم تبق عزيمة، بل صارت القراءات على الأحرف السبعة عزيمة كما في ركعتي المسافر؛ حيث لم تبق الأربع عزيمة بل سقط منها الركعتان أصلًا، وكما سقطت حرمة الخمر حالة الاضطرار أصلًا.
(وهذه رخصة تيسير) أي نقل الحديث بلفظ يختاره الناقل رخصة ترفيه وتخفيف حتى كانت رعاية لفظ النبي عليه السلام أفضل من نقله بمعناه، وإن كان الحديث من قبيل الظاهر، وكانت هذه الرخصة كأكل مال الغير في حالة المخمصة، فإن العمل بالعزيمة هناك وهو أن يموت جوعًا أولى من العمل بالرخصة، وإن كان العمل بها جائزًا، فكذلك هاهنا كان رعاية لفظ النبي عليه السلام أولى من سائر الألفاظ.
(وأما القسم الثاني) وهو ظاهر يحتمل غير ما ظهر من معناه، فنظير ذلك قوله عليه السلام:((لا صيام لمن لم ينو الصيام من الليل))؛ فإنه يحتمل