للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالعدم ودلالة حدوثه في الحال من تبدل أحواله من حال إلى حال منا لصغر والكبر والجوع والعطش والألم واللذة والصحة والمرض والحركة والسكون معلومة له بالحس والعيان، فإن كانت هذه الدلالة محيطة له في ذاته وخارج ذاته فلما لم ينفك منه بسبب الإيمان لم ينفك منه موجبه أيضًا وهو دوام وجوب الإيمان، وإنما ذكر هذا؛ لأن هذا السبب مفارق لسائر الأسباب لأن سائر الأسباب قد تنقضي والمكلف باق.

ألا ترى أن وقت الصلاة ينقضي وشهر رمضان ينسلخ والمال يهلك، ويتصور هذا في الحج؛ إذ البيت كان مجودًا في بدء الإسلام ولم يكن وجوب الحج ثابتًا، بخلاف سبب الإيمان، وهو حدوث العالم غير منفك عن المكلف في ذاته وفي غير ذاته؛ إذ انفكاك الحدوث عن الحادث وهو المكل بالإيمان محال إذ حدوث العالم كان موجودًا قبل المكلف ويبقى بعده موجود معه، قال تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} وقال قائل:

ففي كل شيء له آية ... تدل على أنه واحد

فذلك كان وجوب الإيمان أيضًا دائمًا، ولهذا كان وجوب الإيمان وقت

<<  <  ج: ص:  >  >>