براءة الرحم، فالصيانة الثابتة بالنهي أوجب من الصيانة الثابتة بالأمر لما عرف، فكان إحالة وجوب العدة على النهي أولى من إحالته على الأمر من هذا الوجه.
فإن قلت: لو كان المعنى في وجب العدة تعرف براءة الرحم لاكتفى بحيضة واحدة لحصول معرفة براءتها بالحيضة الواحدة كما في الاستبراء.
قلت: نعم كذلك، لكن الوجه فيه ما قاله في ((المبسوط)) وهو أن الحيضة الواحدة لتعرف براءة الرحم، والثانية لحرمة النكاح، والثالثة لفضيلة الحرية، فلذلك لم تتداخل أقراء العدة الواحدة إن تداخلت أقراء العدتين. كالجلدات في الحد فإنها لا تتداخل في الحد الواحد وتتداخل الحدان، فلو قلنا بالتداخل في أقراء فإنها تتداخل في الحد الواحد وتتداخل الحدان، فلو قلنا بالتداخل في أقراء عدة واحدة يفوت هذا المقصود، فظهر بما ذكرنا كله إن أثر عدم مقصودية الأمر في وجوب العدة ظهر في مسألتين.
إحداهما- في جواز تداخل العدتين في وقت واحد.
الثانية- في عدم اشتراط علم المرأة بانقضائها بخلاف الصوم في هذين الحكمين لما أن الأصل في وجوب العدة النهي وفي الصوم الأمر على ما ذكرنا.
(ولهذا قال أبو يوسف- رحمه الله- إن من سجد) هذا إيضاح لقوله: ((إلا أنا أثبتنا بكل واحد من القسمين)) إلى آخره كالمتقدمين، إلا أن ذينك المتقدمين أعني قوله:((ولهذا قلنا إنا لمحرم لما نهي)) وقوله: ((ولهذا قلنا إن