الغزاة من الصلبان، وأعادوها إلى سابق عهدها، مساجد لعبادة الله وحده الذي صدق وعده ونصر عبده. وأخذ النازحون عن (بجاية) بالعودة إليها. وشرعوا في إعادة بناء مدينتهم وترميمها وتضميد جراحها، ولم تمض أكثر من فترة قصيرة حتى زال كل أثر للاسعمار الصليبي الذي جثم على صدر بجاية لمدة نصف قرن.
ما أن ترددت أصداء انتصار المسلمين في بجاية، حتى اجتاحت إسبانيا بصورة خاصة موجة من الهياج والثورة التي وجدت أصداء قوية لها في وسط الأمم الأوروبية الصليبية ودوائر البابا في روما، وكان لا بد من تهدئة هذه الجائحة الثائرة بضحية يتم تحميلها المسؤولية، ووقع اختيار الحكومة الإسبانية على قائد حامية بجاية، الذي لم يكن باستطاعته، أو باستطاعة غيره - الصمود والمقاومة بأكثر مما تم بذله. وشكلت محكمة عسكرية أصدرت حكمها بإعدامه. واقتيد إلى ساحة عامة بعد أن تم تعذيبه وتجريده، وأقبل الجلاد فهوى بفأسه على الضحية، وفصل الرأس عن الجسد، ثم رفع الرأس ليردد ما تم تلقينه له، حيث أطلقت المقولة المشهورة:(أيها الشعب، هذا رأس رجل نذل فقده صاحبه، بعدما فقد شرفه).
انطلقت القوات الجزائرية لاستثمار هذا الظفر الرائع. فمضت لتحرير الساحل الشرقي للجزائر، من كل آثار الاحتلال الإسباني، ومنها مدينة القل (التي يعود تاريخ استعمارها إلى سنة ١٢٨٢م). والتي كانت قصة احتلالها مأساة في جملة المآسي التي تعرض لها المغرب العربي الإسلامي خلال تلك الحقبة التاريخية.
أصبح باستطاعة (صالح رايس) التفرغ لتطهير غرب الجزائر