بل قد يجيب المجرِّح أو المعدِّل بالتوثيق، ولا يريد أنه ثقة، وإنما هو مقارنة بغيره، وقد وقع هذا من ابن معين، وأشار إليه أبو الوليد الباجي في "الجرح والتعديل"، وتابعه الحافظ في "اللسان"، فقال في مقدمته (١/ ٢٨):
"وينبغي أن يتأمل أيضًا أقوال المزكين ومخارجها، فقد يقول المعدل: فلان ثقة، ولا يريد به أنه ممن يحتج بحديثه، وإنما ذلك على حسب ما هو فيه، ووجه السؤال له، فقد يُسأل عن الرجل الفاضل المتوسط في حديثه، فيقرن بالضعفاء، فيقال: ما تقول في فلان، وفلان، وفلان؟ فيقول: فلان ثقة، يريد أنه ليس من نمط من قرن به، فإذا سئل عنه بمفرده بيَّن حاله في التوسط، فمن ذلك: أن الدوري قال عن ابن معين أنه سئل عن ابن إسحاق، وموسى بن عبيدة الربذي، أيهما أحب إليك؟ فقال: ابن إسحاق ثقة، وسئل عن محمد بن إسحاق بمفرده، فقال: صدوق، وليس بحجة، ......... وهذا حكم على اختلاف السؤال، وعلى هذا يُحمل أكثر ما ورد من اختلاف كلام أئمة أهل الجرح والتعديل ممن وثق رجلًا في وقت، وجرحه في وقت آخر".
قلت: وعلى هذا تُحمل أيضًا رواية أبي خالد الدقاق عن ابن معين (٢٥٦) قال: عطية العوفي ليس به بأس، قيل: يُحتج به؟ قال: ليس به بأس.