ورواه الطَّحاويُّ والدُّولابيُّ والبَيْهَقيُّ وغيرُهُم من طريقِ اللَّيْثِ بنِ سعدٍ، عن معاويةَ، به.
ومدارُ الحديثِ عندهم -عدا ابنَ مَنْدَهْ، وطريقًا عندَ ابنِ عَساكرَ-: على معاويةَ بنِ صالحٍ، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ رجاله ثقات، عدا معاويةَ بنَ صالحٍ؛ فمختلَفٌ فيه، والأَكثَرُ على توثيقه، ولخَّصَ حالَه الحافظُ بقوله:"صدوقٌ، له أوهامٌ"(التقريب ٦٧٦٢). وقال الذَّهَبيُّ:"صدوقٌ إمامٌ"(الكاشف ٥٥٢٦).
ولكنْ في سندِهِ إرسالٌ؛ فجُبَيرُ بنُ نُفَيْرٍ قد ساقَ القصةَ دونَ أن يذكرَ تحمُّلَه لها مِن أبي جُبَيرٍ الكِنْديِّ.
ولذا قال ابنُ حَجَرٍ:"هذا صورتُه مرسَلٌ"(الإتحاف ١٣/ ٥٥٩).
وأما الألبانيُّ فقال:"هذا إسنادٌ صحيحٌ، رجاله ثقات رجالُ مسلمٍ، وفيه شُبهةُ الإرسالِ، لأنَّ جُبَيرَ بنَ نُفَيْرٍ ليستْ له صحبةٌ، وإن كان أدرَكَ الجاهليةَ، لكن الظاهر أنه تلقَّاه عن أبيه نُفَير، وله صحبةٌ معروفةٌ"(الصحيحة ٢٨٢٠).
قلنا: كذا قال! وفيه نظرٌ لا يخفى؛ إذ لا تُصحَّحُ الأحاديثُ بما يَظهَر لنا، بل بحقيقةِ أسانيدِها، وهو هنا مرسَلٌ بلا ريب.
وأمَّا ما أخرجه ابنُ عساكرَ في (تاريخه ٦٢/ ١٩٥ - ١٩٦): من طريقِ أبي عبدِ اللهِ ابنِ مَنْدَهْ، أنا إبراهيمُ بنُ محمدِ بنِ صالحٍ القَنْطَريُّ بدِمَشقَ، نا أبو زُرْعةَ، نا سُلَيمانُ بنُ عبدِ الرحمنِ، نا إسماعيلُ بنُ عَيَّاشٍ، نا عبدُ الرحمنِ بنُ جُبَيرِ بنِ نُفَيرٍ، عن أبيه، عن الرجُلِ الذي أَهدَى إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم الكِنْدِيَّةَ، فاستعاذَتْ منه، فَدَعَا بِوَضُوءٍ، فَتَوَضَّأَ، فَبَدَأَ بِفِيهِ ... ثُمَّ ذكر الحديثَ. قال