وذلك لأن مَكْحُولًا الشاميَّ لم يسمع من أبي أيوب؛ قال أبو حاتم: سألت أبا مُسْهِر: هل سمِع مكحولٌ من أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: ما صح عندي إلا أنس بن مالك" (جامع التحصيل ٧٩٦).
وقال ابن عساكر- عَقِب الحديث-: "هذا حديث ضعيف؛ الحَجَّاج لا يُحتج به، ومَكْحُول لم يدرِكْ أبا أيوبَ ولم يَرَهُ" (الاختتان ص ٤٤).
وقال ابن عبد الهادي: "ورواه عبد الواحد بن زياد، عن الحَجَّاج، عن مَكْحُول، عن أبي أيوبَ مرفوعًا، وهو منقطع" (تنقيح التحقيق ٤/ ٥٨١).
وقال ابن المُلَقِّن: "وهو ضعيف منقطعٌ كما قاله البَيْهَقي" (البدر المنير ٨/ ٧٤٤).
وكذا ضعَّفه ابن القيم في (تحفة المودود ص ١٧٥ - ١٧٦).
* وفيه علةٌ أخرى أشار إليها أبو حاتم الرازيُّ، فقال: "الذي أتوهَّم: أن حديث مَكْحُول خطأٌ؛ وإنما أراد - يعني: عبدَ الواحد بن زياد- حديثَ حَجَّاج ما قد رواه مَكْحول، عن أبي الشِّمَال، عن أبي أيوبَ، عن النبي صلى الله عليه وسلم:((خَمْسٌ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ: التَّعَطُّرُ، وَالْحِنَّاءُ، وَالسِّوَاكُ ... )) فتَرَك أبا الشِّمَال، فلا أدري هذا من الحَجَّاج أو من عبد الواحد. وقد رواه النُّعْمان بن المُنْذِر، عن مَكْحُول، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الْخِتَانُ: سُنَّةٌ لِلرِّجَالِ، مَكْرُمَةٌ لِلنِّسَاءِ)) " (علل الحديث ٢٢٣١).
قلنا: وإلصاقُها بالحَجَّاج أَوْلى؛ فإن عبد الواحد بن زياد ثقةٌ، وأما الحَجَّاج فضعيفٌ مضطرب، وقد اضطرب أيضًا في الحديث المذكور ألوانًا، كما تقدَّم بيانُه في باب: "خصال الفطرة". والله أعلم.