أما هذه الرواية بزيادة:(مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَليه وسَلم) فقد تفرَّد بها ابنُ عُيَينَةَ، وخالفه كل أصحاب الأعمش فلم يذكروها، كأبي معاوية، والثوري، وعبد الله بن إدريس، وشَريك، وهُشيم، وجرير، وحفص بن غياث، وغيرهم.
فالظاهر أنها غير محفوظة، والله أعلم. وإن كانت الرواية الأولى تحتمل معناها أيضًا، فقد ذهب فريق من العلماء إلى أن قول الصحابي:(كنا نفعل كذا أو لا نفعل كذا)، وإن لم يضفه إلى زمن النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ حكم الرفع أيضًا، لاسيما إذا كان مثله لا يخفى وقد أورده الصحابي في معرض الحجة، كما هاهنا.
قال النووي -بعد حكاية الخلاف-: "وظاهر استعمال كثيرين من المحدثين وأصحابنا في كتب الفقه أنه مرفوع مطلقًا سواء أضافه أو لم يضفه، وهذا قوي؛ فإن الظاهر من قوله (كنا نفعل أو كانوا يفعلون) الاحتجاج به، وأنه فعلٌ على وجه يُحتج به، ولا يكون ذلك إلا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبلغه"(المجموع ١/ ٦٠).
وقال الحافظ ابن حجر:"وهو الذي اعتمده الشيخان في صحيحيهما وأكثر منه البخاري"(النكت على كتاب ابن الصلاح ٢/ ٥١٥ وما بعدها)، وانظر (فتح الباري ١/ ٣٨٥، ١/ ٤٩٣، ٢/ ٢٧، ٢/ ٢٨٥، ٥/ ١٦٥، ٩/ ٣٠٧).
وانظر لمزيد تفصيل في المسألة:(علوم الحديث لابن الصلاح ص ٤٨)، و (النكت على ابن الصلاح للزركشي ١/ ٤٢١ - ٤٢٤)، و (التقييد والإيضاح للعراقي ص ٦٦ - ٦٧)، و (اختصار علوم الحديث لابن كثير ص ٤٦)، وغيرها من كتب المصطلح.