(الفتاوى ٢٢/ ١٦٧) فمَرَّضَ القولَ بتحسينه ولم يجزمْ به.
وذهب شيخُنَا الألبانيُّ إلى ترجيحِ الاتصالِ مستدلًا بأن القعقاعَ لم يُعْرَفْ بتدليسٍ، وأن المزيَّ لم يَنْفِ سماعَه منها، انظر:(صحيح أبي داود ٢/ ٢٤٢).
وهذا -والله أعلم- قولٌ مجانبٌ للصواب، ولا ينهضُ دليلُه لردِّ ما قَدَّمْنَاه، لا سيَّما مع نصِّ البيهقيِّ عليه، وكم من رَاوٍ لا يُعْرَفُ له تدليسٌ وروى عمن لم يسمع منه ولم يلقه، وكم من راوٍ لم يَنْفِ المزيُّ سماعَه من شيخِهِ وهو لم يسمعْ منه، والله أعلم.
وبقي أمران لا بُدَّ من التعليقِ عليهما:
الأول: أن الدارقطنيَّ ذكر في (العلل ٨/ ١٦٠) روايةَ ابن سمعان، عن المقبريِّ، عن القعقاعِ، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، ثم قال:((وهو أشبهُهَا بالصوابِ وإِنْ كانَ ابنُ سمعانَ متروكًا)).
فنقولُ: تَكلَّم الدارقطنيُّ على حديثِ عائشةَ هذا في موضعين من (العلل)، وفي كلا الموضعين لم يُشرْ لا من قَريبٍ ولا من بَعيدٍ على أهم طرقه؛ وهو طريق محمد بن الوليد الزبيديِّ السابق، -كما فعل نفسَ الأمر عند كلَامِهِ على حديثِ أبي هريرة السابق- ولو تَذَكَّرَ الدارقطنيُّ هذا الطريقَ والطرقَ الأُخرى لحديثِ أبي هريرة -ولا نقولُ:((لو وقفَ عليها)) - لكان الأمرُ بخلافِ هذا، ومما يَدُلُّ على أنه لم يذكرْ طريقَ الزبيدي أنه قال في الموضع الثاني من (العلل ١٤/ ٣٣٨): ((ومدار الحديث على ابنِ سمعانَ، وهو ضعيفٌ)) اهـ، وقد علمتَ أن مداره ليس على ابنِ سمعانَ، بل ورواه غيرُ الزبيدي أيضًا: