سألتْ كما سَأَلَتْهُ هِيَ. وجائزٌ أن تكون السائلةُ هي وحْدَها، إِلَّا أنها لما روتْ الحديثَ وروتْ عن نفسِها؛ ولم تُخْبِرْ أنها هي السائلةُ، فإنها إذا قالتْ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، أو: سَأَلَتِ امْرأَةٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، أو: جَاءَتِ امرأةٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، ونحو ذلك من الألفاظِ، أمكن حملها على أنها هي السائلة والقائلة)) (الشافي في شرح مسند الشافعي ١/ ١٥٣). وعزا الوجهين ابنُ الملقن للرافعيِّ أيضًا في (شرح المسند)، ثم قال:((والوجهان محتملان)) (البدر المنير ١/ ٥١٧).
وقال الحافظُ أيضًا:((زعمَ النوويُّ في (شرح المهذب) أن الشافعيَّ روى في (الأم) أن أسماءَ هي السائلة بإسنادٍ ضعيفٍ؛ وهذا خطأٌ بل إسنادُهُ في غايةِ الصحةِ، وكأنَّ النوويَّ قلَّدَ في ذلك ابنَ الصَّلاحِ، وزَعَمَ جماعةٌ ممن تَكلَّمَ على (المهذَّبِ) أنه غَلِطَ في قولِهِ: أسماء هي السائلة، وهم الغالطون، والله أعلم)) (التلخيص ١/ ٥٦).
وتَعَقَّبَ الألبانيُّ الحافظَ ابنَ حَجَرٍ، فقال:((كَلَّا، بل هم المصيبون، والحافظُ هو الغَالِطُ، والسببُ ثِقَتُهُ البالغةُ بحفظِ الشَّافعيِّ، وهو حَرِيٌّ بذلك، لكن روايةَ الجماعةِ أضبطُ وأحفظُ، ويمكن أن يقال: إِنَّ الغَلَطَ ليس من الشافعيِّ، بل منِ ابنِ عُيَينَةَ نفسِهِ، بدليلِ أنه صحَّ عنه الروايتان، الموافقة لروايةِ الجماعةِ، والمخالفة لها، فروى الشافعيُّ والذي معه هذه، وروى الحميديُّ والذي معه روايةَ الجماعةِ، فكانتْ أولى وأصح، وخلافها معلولة بالشُّذُوذِ)) (الصحيحة ١/ ٦٠١، ٦٠٢).
قلنا: وقد يؤيدُ ما ذكره الشيخُ الألبانيُّ: رواية إسحاقَ بنِ راهويه في (المسند ٢٢١٩)، حيثُ رواه عن ابنِ عُيَينَةَ به عن أسماءَ: أَنَّ امْرأَةً قَالَتْ، ثم قال:((وقال سفيان مرة: سألته، ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم)).