وابنُ جُريجٍ من أثبتِ الناسِ في عطاءٍ، فلو كان عند عطاءٍ ما ذكره ابنُ أخيه عنه في التيممِ عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ما كان يعدلُ عنه إلى رأيه، مما يوهن رواية الوليد هذه.
ويجدرُ التنبيه إلى ما رواه الطبرانيُّ في (المعجم الكبير ١١٤٧٢) فقال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري، عن عبد الرزاق، عن الأوزاعيِّ، سمعتُه منه أو أُخْبِرتُهُ، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس، أن رجلًا أصابه جدري فأجنبَ فغسلَ فكز فماتَ، فأُخْبِرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال:((قَتَلُوهُ قَتَلَهُمِ اللهُ! ! أَلَمْ يَكُنْ شِفَاءُ العِيِّ السُّؤَالَ؟ ! أَلَا يَمَّمُوهُ؟ ! )).
ففي هذه الرواية متابعة لرواية الوليد في ذكر التيمم، ولكن في هذه الرواية إشكال، وذلك أن عبدَ الرزاقِ قد روى هذا الحديثَ في (المصنف ٨٧٥) عن الأوزاعيِّ، عن رجلٍ، عن عطاءِ بنِ أبي رباحٍ، عن ابنِ عباسٍ، أن رجلًا كان به جِراحٌ فأصابتْهُ جَنَابةٌ فأمروه فاغتسلَ فماتَ، فبلغَ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:((قَتَلْتُمُوهُ قَتَلَكُمُ اللهُ، أَلَمْ يَكُنْ شِفَاءُ العِيِّ السُّؤَالَ؟ ! )).
قال عطاءٌ: فبلغني أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((اغْتَسِلْ، وَاتْرُكْ مَوْضِعَ الجِرَاحِ)) (١).
فبين الروايتين تعارض في السند والمتن، فإما أن عبدَ الرزاقِ قد أعاده في
(١) وقع عند عبد الرزاق قول عطاء المرسل بلفظ الأمر فقال: ((اغْتَسِلْ، وَاتْرُكْ مَوْضِعَ الجِرَاحِ))، وهذا الكلامُ غيرُ مستقيمٍ لكون الرجل الذي حَدَثَتْ له الواقعةُ قد مات، فكيف يقعُ الأمرُ من رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم له؟ ! حتى وقفنا على كلام المحقق (ط. العلمية ١/ ١٧٥ حاشية رقم ١) فقال: "في الأصل كتب "وترك"، فظهرَ أن ثَمَّ لبثٌ في قراءةِ هذه الفقرةِ، فلما وجدنا ابن عبد البر يعزو الحديث لعبد الرزاق بلفظ: ((لَوِ اغْتَسَلَ وَتَرَكَ مَوْضِعَ الجِرَاحِ)) علمنا أن حرف "لو" قد سقط من مطبوعة عبد الرزاق وكذا الأصل (ظاهرية ق ٣٦/ أ)، والله أعلم.