فيبعدُ جدًّا أن يحفظَ عبدُ الحميدِ المتكلَّمُ فيه ما لم يحفظه هقْل والوليدُ وغيرُهما من أصحابِ الأوزاعيِّ، كما سبقَ، مع اضطرابه في سندِهِ؛ ولذا قال الألبانيُّ:"حديثُ ابنِ أبي العشرين عند ابن ماجه كما سبقَ، وليس فيه: عن إسماعيل بن مسلم! فلعلَّه اختلف فيه على ابن أبي العشرين، وهو متكلَّمٌ فيه من قِبل حفظه، فيبعدُ أن يحفطَ ما لم يحفظْه الثقاتُ من أصحابِ الأوزاعيِّ؛ ولذلك قالا: إنه أفسدَ الحديثَ"(صحيح أبي داود ٢/ ١٦٣).
قلنا: وعلى كلٍّ فالحديثُ منقطعٌ بين الأوزاعيِّ وعطاءٍ، وقد أخذه عن رجلٍ عنه كما قال عبدُ الرزاقِ، وأحيانًا كان يرويه بلاغًا كما في روايةِ الجماعةِ، وما وقعَ من تصريحٍ بالسماعِ فهو وهمٌ وقعَ فيه بشرُ بنُ بكرٍ كما قال البيهقيُّ وغيرُهُ، وكذا أخطأَ فيه عبدُ الحميدِ كما أشارَ ابنُ عبدِ البرِّ وغيرِهِ.
ولذا ذهبَ جماعةٌ إلى إعلالِهِ كما تقدَّمَ عن أبي حاتم، وأبي زرعة -ووافقهما الدارقطنيُّ في (السنن ١/ ٣٥٠) -، وكذا ابنُ عبدِ البرِّ في (جامع بيان العلم ٥٢٦).
وقال الدارقطنيُّ:"اختُلِفَ على الأوزاعيِّ: فقيلَ عنه عن عطاءٍ، وقيلَ عنه بلغني عن عطاءٍ، وأرسلَ الأوزاعيُّ آخرَهُ عن عطاءٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهو الصوابُ"(السنن ١/ ٣٥٠).
وأقرَّهم البيهقيُّ في (الخلافيات ٢/ ٤٩٣)، وابنُ دَقيقِ العيدِ في (الإمام ٣/ ١١٧ - ١١٨)، وابنُ عبدِ الهادِي في (تنقيح التحقيق ١/ ٣٨٦).
وقال ابنُ المنذرِ: "في إسنادِهِ مقالٌ؛ لأن عبد الرزاق أدخلَ بين الأوزاعي