للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وأما ابنُ القطانِ فسلكَ مسلكًا آخر، فقال: "وعلةُ هذا الحديثِ الجهلُ بحالِ عبد الله بن شداد هذا، وهو شيخ من تجار واسط، لم يَرْوِ عنه غير حماد بن سلمة، بَيَّنَ أمره -كما قلنا- ابنُ معينٍ في رواية عباس، والبخاريُّ -أيضًا- وغيرُهما، ويلتبسُ على من لم يحصلْ بعبد الله بن شداد بن الهادي الثقة المأمون" (بيان الوهم والإيهام ٣/ ٣٣٧).

ثم راحَ ابنُ القطانِ يرمي عبدَ الحقِّ بالوهم والخلط؛ لأنه نسب أبا عُذرة لواسط، وزعم ابنُ القطانِ أنه التبس على عبدِ الحقِّ أمر ابن شداد؛ ولذا اكتفى بمجمل كلام الترمذي.

وانظر أيضًا: (أحكام النظر لابن القطان صـ ١٠٠).

ولم يهم عبد الحق، بل ابن القطان هو الواهم؛ فإن أبا عُذرة ذكره أسلم -المعروف بِبَحْشَل- ممن مات بواسط، فعلى هذا يُعَدُّ واسطيًّا.

وأما إعلاله -أعني: ابن القطان- الحديث بجهالة ابن شداد، فليس بصواب، وقد اعتمد في ذلك على ابن معين، وابن معين هو القائل في ابن شداد هذا: "ليس به بأس" (سؤالات ابن الجنيد ٤٢٦)، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات ٧/ ٣٨)، ووثَّقَهُ العجليُّ (الثقات ٩٠٤)، وقال ابنُ حجرٍ: "صدوق" (التقريب ٣٣٨٣).

وأيضًا فلم يتفردْ حمادُ بنُ سلمةَ بالروايةِ عنه -كما زعم-، بل روى عنه الثوريُّ عند النسائيِّ في (الكبرى ٨٩٩٥) حديث ((تحريم إتيان النساء في أدبارهن)).

ومع ما ذكرناه من علة هذا إسناد هذا الحديث، فقد قال مغلطاي: "رواه أبو داود بسندٍ جيدٍ وإن خالفَ عبدُ الحقِّ" (شرح سنن ابن ماجة ٣/ ٨١).