{آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} إِلَى قَوْلِهِ: {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}. فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ. فَخَرَجَ القَوْمُ يَتَنَادَوْنَ بِالتَّكْبِيرِ؛ اسْتِبْشَارًا بِمَا سَمِعُوا مِنِّي، وَحَمِدُوا اللهَ، وَقَالُوا: يَا ابنَ الخَطَّابِ، أَبْشِرْ، فَلَمَّا أَنْ عَرَفُوا مِنِّي الصِّدْقَ قُلْتُ لَهُمْ: أَخْبِرُونِي بِمَكَانِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالُوا: هُوَ فِي بَيْتٍ فِي أَسْفَلِ الصَّفَا. فَخَرَجْتُ حَتَّى قَرَعْتُ البَابَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ: ابنُ الخَطَّابِ، وَقَدْ عَرَفُوا شِدَّتِي عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ يَعْلَمُوا إِسْلَامِي. قَالَ: فَمَا اجْتَرَأَ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِفَتْحِ البَابِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((افْتَحُوا لَهُ، فَإِنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يَهْدِهِ)). قَالَ: فَفَتَحُوا لِي، وَأَخَذَ رَجُلٌ بِعَضُدِي، حَتَّى دَنَوْتُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: ((أَرْسِلُوهُ))، فَأَرْسَلُونِي، فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَخَذَ بِمَجْمَعِ قَمِيصِي، فَجَبَذَنِي إِلَيْهِ، وَقَالَ: ((أَسْلِمْ يَا ابنَ الخَطَّابِ، اللَّهُمَّ اهْدِهِ)).
قَالَ: قُلْتُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللهِ، فَكَبَّرَ المُسْلِمُونَ تَكْبِيرَةً سُمِعَتْ بِطُرُقِ مَكَّةَ، وَقَدْ كَانَ اسْتَخْفَى، وَكُنْتُ لَا أَشَاءُ أَنْ أَرَى رَجُلًا إِذَا أَسْلَمَ يُضْرَبُ إِلَّا رَأَيْتُهُ، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ قُلْتُ: مَا أُحِبُّ إِلَّا أَنْ يُصِيبَنِي مِمَّا يُصِيبُ المُسْلِمِينَ، فَذَهَبْتُ إِلَى خَالِي، وَكَانَ شَرِيفًا فِيهِمْ، فَقَرَعْتُ عَلَيْهِ البَابَ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ: ابنُ الخَطَّابِ، فَخَرَجَ، فَقُلْتُ: أَشَعَرْتَ أَنِّي قَدْ صَبَوْتُ؟ قَالَ: لَا تَفْعَلْ، قُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ، قَالَ: لَا تَفْعَلْ، وَأَجَافَ البَابَ دُونِي، قُلْتُ: مَا هَذَا بِشَيْءٍ، فَخَرَجْتُ حَتَّى جِئْتُ رَجُلًا مِنْ عُظَمَاءِ قُرَيْشٍ، فَقَرَعْتُ البَابَ، فَخَرَجَ، فَقُلْتُ: أَشَعَرْتَ أَنِّي قَدْ صَبَوْتُ؟ قَالَ: لَا تَفْعَلْ، قُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ، فَدَخَلَ فَأَجَافَ البَابَ. قَالَ: فَانْصَرَفْتُ، فَقَالَ لِي رَجُلٌ: أَتُحِبُّ أَنْ يُعْلَمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute