وحكاية آراء النقاد من قبل تلامذتهم أو من جاء بعدهم من القضايا المهمة في باب الجرح والتعديل، ولم تتناول بدراسة خاصة مستفيضة، وسمعت أخانا وشيخنا فضيلة الدكتور عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف -رحمه الله- أكثر من مرة يتمنى أن يتصدى لها باحث، يجمع شتاتها، ويدرس ألفاظها.
والذي أريد أن قوله هنا -وقد اجترأت عليه، فلا أعزوه لأحد قبلي- أن حكاية رأي الناقد تأتي في مرتبة ثانية بعد نقل نص قوله، فكل ما يتعرض له نقل النص من ردٍّ أو تأويل عند الحاجة لذلك فحكاية رأيه من باب أولى، وكذا إذا تعارض نقل النص مع حكاية الرأي قُدِّم الأول.
وإنما قلت ذلك لسببين، السبب الأول: أنه قد قيل مثله في حكاية الصحابي لحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنه يأتي في المرتبة الثانية، بعد نقل النص النبوي، فموضوعنا هنا من باب أولى، قال ابن العربي عند كلامه على حديث ابن عمر:"أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الولاء وعن هبته": "قد بينا أن قول الصحابة: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كذا، أو أمر بكذا- في الدرجة الثانية من الخبر، إذ لم يذكر قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنصه، وإنما نقل معناه، وهو مقبول إجماعا"(١).
والسبب الثاني: الوقوف على شيء من تفسير بعض تلاميذ النقاد لكلام شيوخهم ويكون في هذا التفسير نظر راجح، أو محتمل، فيفيدنا هذا أن فهم التلميذ أو من جاء بعده لكلام الناقد قد يخالف فيه، وقد يكون الصواب مع غيره، وحينئذ فنقله للنص أقوى من حكايته لرأي الناقد.