للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فنلحظ أن البَرْذَعي توقف في كلمة أبي زرعة بسبب حال هشام بن سعد عند النقاد الآخرين، وبحث عن مخرج لهذا الاختلاف، غير خطئه هو، فإنه قد أتقنه وحفظه عن أبي زرعة، وهذا يشير إلى تسليم البَرْذَعي بأن الناقل قد يخطئ، ثم عاد فتأمل حديث هشام بن سعد فوجد فيه وهما كثيرا، فبدا له أن قول أبي زرعة مناسب لحال هشام بن سعد.

وما ذكره البَرْذَعي غير كاف للتسليم بصحة هذا النقل عن أبي زرعة، وذلك لسبببين: الأول: أن الأئمة الذين ذكر البَرْذَعي أن حال هشام بن سعد عندهم أجل مما ذكره أبو زرعة مطلعون على وهم هشام بن سعد، ومع هذا فليس هو عندهم -على كثرتهم- واهي الحديث (١)، وإنما تكلموا فيه من قبل حفظه، والسبب الثاني: أن أبا زرعة نفسه قد قال في هشام بن سعد فيما نقله عنه ابن أبي حاتم: "شيخ محله الصدق، وكذلك محمد بن إسحاق هو هكذا عندي، وهشام أحب إلي من محمد بن إسحاق" (٢).

وعليه فلا يزال هناك نظر في ثبوت قول أبي زرعة في هشام بن سعد: "واهي الحديث".

ومثل ذلك قول الجوزجاني في سعيد بن عُفَيْر: "كان فيه غير لون من البدع، وكان مخلطا غير ثقة" (٣)، وفي الرواة سعيد بن كثير بن عُفَيْر المصري، ينسب إلى جده كثيرا، وقد ذكر الأئمة هذه الكلمة في ترجمته (٤)، لكنه ثقة إمام مشهور، لم ينسب إلى شيء من البدع، فكلمة


(١) "تهذيب التهذيب"١١: ٣٩.
(٢) "الجرح والتعديل"٩: ٦٢.
(٣) "أحوال الرجال" ص ٢٧٠.
(٤) "الكامل"٣: ١٢٤٦، و"تهذيب الكمال"١١: ٣٨، و"سير أعلام النبلاء"١٠: ٥٨٤، و"الميزان"٢: ١٥٥، و"تهذيب التهذيب"٤: ٧٤.

<<  <   >  >>