للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والتفريق" (١).

في أشياء كثيرة تعين على تمييز الرواة وتفريقهم أو جمعهم، وقد اعتنت كتب المصطلح بشرح ذلك (٢).

وهذا الضرب من الاشتباه بين الرواة والكلام في جمعهم أو تفريقهم هو من موضوعات نقد السنة التي يتبلد فيها حمار الباحث المتأخر كثيرا، إذ الاعتماد فيه أولا وآخرا على كلام أئمة النقد، فهو يحتاج إلى حفظ واسع، ومعرفة وفهم بأحوال الرواة المشتبه بهم، ومن يروي عنهم، ومن يروون عنه.

ومع ذلك فإن بإمكان الباحث أن يشارك أئمة النقد في حالتين:

الحالة الأولى: أن يقع اختلاف في الجمع والتفريق، فقد وقع ذلك كثيرا؛ إذ هو مبني على الاجتهاد، والنظر في القرائن، كغيره من قضايا هذا الفن، مثال ذلك أن إبراهيم بن محمد بن المنتشر،


(١) خصص القسم الأول من الكتاب لأشياء جمعها رأى أن من قبله من الأئمة الذين ألفوا في الرواة وقعوا فيها في أوهام، من عد الواحد اثنين أو أكثر، أو عد الاثنين واحدًا، وأكثرها مما وقع للبخاري في "تاريخه الكبير"، وخصص القسم الثاني لمن يرد في الروايات بأسماء أو كنى أو نسب متعددة وهو شخص واحد، وقد حقق الكتاب وطبعه في مجلدين الشيخ عبد الرحمن المعلمي، وكتب له مقدمة بين فيها أن ما ذكره الخطيب من أوهام للبخاري -وعددها ثمانون- لا يلزم البخاري منها إلا الشيء اليسير، فمنها ما هو محل للاجتهاد، ومنها ما وقع الخطأ فيه بسبب نسخة الخطيب من "التاريخ"، ومنها ما غفل فيه الخطيب عن اصطلاح البخاري أو إشارته.
وبكل حال فقراءة هذا الكتاب ومقدمته مفيدة جدًا في الاطلاع على جهود الأئمة، والتمرن على معالجة هذا النوع من الاشتباه.
(٢) انظر مثلاً: "معرفة علوم الحديث" ص ٢٢١ - ٢٣٨، و"مقدمة ابن الصلاح" ص ٤٩٨ - ٥٦٥.

<<  <   >  >>