حكيم تقتضي تناهي الحكمة، وقوله وقيل: ايخ أي نبه بالتصوير لجميع الناس على أن عيسى عليه الصلاة والسلام عبد كغيره لحدوثه، وأن الرب من لا يخفى عليه خافية ومن لا يكون كذلك لا يكون رباً لأنه لا يعلم بما في نفسه إذ صوّر، وهذا من قوله:{إِنَّ اللهَ لاَ يَخْفَىَ}[سورة آل عمران، الآية: ٥] الخ ولخفائه ضعفه بقوله: وقيل الخ ولذا قيل إنه إدماج وليس مأخوذا من حاق النظم فافهم. قوله:(أحكمت عبارتها بأن حفظت الخ) في الكشاف بدل الإجمال الاحتمال وهو ما ذهب إليه الشافعية من أنّ المحكم المتضح المعنى، والمتشابه بخلافه ومعنى اتضاح المعنى أن يظهر عند العقل أنّ معناه هذا لا غير، وأمّا عند الحنفية فالمحكم الواضح الدلالة الظاهر الذي لا يحتمل النسخ والمتشابه الخفيّ الذي لا يدرك معناه عقلاً ولا نقلاً وهو ما استأثر الله بعلمه والغرض من إنزاله ابتلاء الراسخين وكج عنان التصرّف وقد يطلق المحكم بمعنى المتقن النظم والمتشابه على ما يشبه بعضه بعضا في البلاغة وهما بهذا المعنى يطلقان على جميع القرآن قال المدقق في الكشف واعلم أنه لا ينكر أنّ في القرآن من الحقائق ما لا سبيل للبشر إلى الوقوف عليه تصديقاً لقوله تعالى:{وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} ، ولقوله عليه الصلاة والسلام: " هو البحر لا تنقضي عجائبه في وصفه) ، إنما النزاع في المتشابه المذكور في قوله:{وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} وفي أن ما سيق لتلك المعاني المستأثر بها في علم الغيب له ظاهر كلفنا علمه، وباطن كلفنا تصديقه إيمانا بالغيب فلا نزاع بين الفريقين، ومن المتشابه الصفات السمعية من الاستواء واليد والقدم، والنزول إلى السماء الدنيا والضحك والتعجب وأمثالها فعند السلف، ومنهم الأشعري أنها صفات أخر غير الثمانية ثابته وراء العقل ما كلفنا إلا اعتقاد ثبوتها مع اعتقاد عدم التشبيه والتجسيم لئلا يتعارض! العقل، والنقل وعند الخلف ليست صفات زائدة على الثمانية بل راجعة إليها والأليق أن يتوقف لأنه المنقول عن السلف الصالح، ولنا بهم أسوة حسنة مع ظهور وجهه، ثم إنّ التأويل له معنيان مشهور وهو ترجمة الشيء وتفسيره الموضح له وآخر وهو بيان حقيقته وابرازها لما بالعلم، أو بالفعل وكلاهما وارد في القرآن ومحتمل هنا أيضاً وعليه ينبني الوقف، وعدمه أيضاً.
قال الراغب: التأويل من الأول وهو الرجوع إلى الأصل ومنه الموئل للموضمع الذي
يرجع إليه وذلك هو ردّ الشيء إلى الغاية المرادة منه علماً كان أو فعلاَ ففي العلم نحو وما يعلم تأويله إلا الله وفي الفعل كقوله:
وللنوى قيل يوم البين تأويل
وقوله تعالى:{يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ}[سررة الأعراف، الآية: ٥٣] أن بيانه الذي هو غايته المقصودة منه، وقوله:{ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}[سورة النساء، الآية: ٥٩] قيل: أحسن ترجمة ومعنى وقيل أحسن ثوابا في الآخرة انتهى، ويكون المحكم في مقابلة المنسوخ أيضآ لكنه غير مشهور وفي الترجيح بينهما كلام في شرح الكشاف، والأصول من أراد تفصيله فليرجع إليه. قوله:(والقياس أمّهات الخ الما لم يتطابق المحمولان أوّله بأنّ المراد منهن كل واحدة فيصح حمل المفرد عليه، وحينئذ فالكتاب إنا أن يراد به الجنس الشامل لكل آية أو يقدر فيه أي بعض الكتاب، أو إنه جعلهن في حكم شيء واحد لاتحاد نوعها فلذا أفرد الخبر. قرله:) محتملات الخ) مخالفة الظاهر من ذكر العامّ بعد الخاص لأنهم عرّفوه بما لا يتضح معناه وتحته أنواع منها المجمل فأو لمنع الخلوّ فلا يرد عليه شيء، وعلى هذا فكل آية منه تحتمل وجوها يشبه بعضها بعضا فتوصف بالتشابه باعتبار معناها وما فيها من الوجوه فسقط ما تيل إن واحد متشابهات متشابهة وواحد أخر أخرى والواحد منهما لا يصح وصفه بالآخر، فلا يقال أخرى متشابهة إلا أن يكون بعض الواحد شبه بعضاً، وليس المعنى عليه بل لا يصح في المفردات وإنما المعنى أنّ كل آية تشبه الأخرى فكيف يصح وصف جمع بجمع لا يصح وصف مفرده بمفرده، ولا حاجة إلى ما تكلف في الجواب عنه لأنه ليس من شرط صحة وصف المثنى والمجموع صحة بسط مفردات الأوصاف على أفراد الموصوفات كما أنه لا يلزم من الإسناد إليه صحة إسناده إلى كل واحد كما في وجد فيها رجلين يقتتلان إذ الرجل لا يقتتل رلذا قيل في قوله حافين من حول العرس ليس لحافين مفرد إذ الواحد لا يكون حافا أي محيطأ، وسيأتي بيانه على أنه إذا علم أن المتشابه مجاز أو كناية عما لا يتضح معناه، أو ما لا يعلم معناه على الرائين علم أن السؤال مغالطة غير واردة رأسا.