للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كون الخبر ليس عن المبتدأ فاحتاج إلى التأوبل فأوّلوه بوجوه منها تقدير المضاف في المبتدأ أي أزواج الذين يتوفون والأزواج المقدر بمعنى النساء لأنّ الزوج يطلق على الرجل والمرأة والزوجة فيه لغة غير فصيحة، أو يقدر في الخبر ما يربطه به ويصحع حمله عليه أي يتربصن بعدهم اً ولهم وحذف

العائد المجرور من الخبر جائز كما في المثال الذي ذكره، قال النحرير: ولي في مثل هذا المقام كلام وهو أنّ الربط حاصل بمجرّد عود الضمير إلى الأزواج لأنّ المعنى يتربص الأزواج اللاتي تركوهن وأنا أتعجب من ذكره بحثا من عند نفسه وهو مذهب الأخفش والكسائي وقد ذكر في متون النحو كالتسهيل، وقال المصنف في شرحه: بعد ما ذكر هذه الآية الأصل يتربص أزواجهم ثم جيء بالضمير مكان الأزواج لتقدم ذكرمن فامتغ ذكر الضمير لأنّ النون لا تضاف لكونها ضميرا وحصل الربط بالضمير القائم مقام الظاهر المضاف للضمير الرابط والحاصل أنّ الضمير إذا عاد على اسم مضاف إلى العائد هل يحصل به الربط أولاً فمنعه الجمهور وأجازه الأخفش والكسائيّ، وله نظائر وأورد على الأوّل أنه يلغو قوله: ويذرون أزواجا إلا أن يجعل تفسيراً له وايضاحاً بعد الإبهام ومنهم من قدر يتربصن خبر مبتدأ أي أزواجهم يتربصن والجملة خبر المبتدأ الأوّل وفيه وجوه أخر. قوله: (وقرئ يتوفون بفتح الياء الخ) وهي قراءة عليّ رضي الله عنه ورويت عن عاصم ومعناها يتوفون آجالهم أي يستوفون مدة أعمارهم فعلى هذا يقال للميت متوف بمعنى مستوف لحياته قال الزمخشرفي والذي يحكي أنّ أبا الأسود الدؤليّ كان يمشي خلف جنازة فقال له رجل من المتوفى بكسر الفاء فقال الله تعالى: وكان أحد الأسباب الباعثة لعلي كرّم الله وجهه على أنّ أمره بأن يضع كتابا في النحو تناقضه هذه القراءة، وأجيب عنه كما ذكره السكاكي بأنّ سبب التخطئة أنّ السائل كان ممن لم يعرف وجه صحته فلم يصلح للخطاب به. قوله: (وتأنيث العشر باعتبار الليالي الخ) قيل: لأنّ الشهور الهلالية غررها الليالي فتكون الأيام تبعا لها، وحكى الفرّاء صمنا عشرا من شهر رمضان مع أنّ الصوم إنما يكون في الأيام، وقال سيبويه: هذا باب المؤنث الذي يستعمل في التأنيث والتذكير والتأنيث أصله وقوله: إن لبثتم إلا يوماً بعد قوله إلا عشرا ظاهر في أنّ المراد بالعشر الأيام لكن الكلام في أنه هل يصح هذا في الأيام التي لم يعتبر معها الليالي حتى تخرج عن باب التغليب أو أنه من تغليب المؤنث هنا لخفته وكون المؤنث أجدر به بالاعتبار نظراً إلى أنه كثير فيه تردّد، وقوله: صمت عشراً لا يدل عليه لأنه مثل صمت شهر رمضان والظاهر جوازه لأنه غلب استعماله بالتغليب ثم كثر واستعمل بدونه وفي كلام المصنف رحمه الله والفرّاء إشارة إليه وفي قوله غرر الشهور والأيام تسامح أي لأنها مقدمة على الأيام والشهور ولو أسقط الأيام لكان أولى، وقوله: لا يستعملون الظاهر لم يستعملوا لأن قط لاستغراق الماضي ومثله ورد لكه قليل في كلامهم وقد ردّ هذا أبو حيان وقال: بل استعماله كثير في كلام العرب وقال: إنه لا حاجة إلى ما تكلفوه، لأنّ عكس! التأنيث إنما هو إذا ذكر المعدود أمّا عند حذفه فيجوز الأمران وهو أقرب

مما قالوه. قوله: (ولعل المقتضي الخ) أورد عليه أنه مناف للحديث الصحيح: " إنّ أحدكم يجمع خلقه في بطن أمّه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث الثه ملكاً بأربع كلمات فيكتب عمله وأجله ورزقه وشقئ او سعيد ثم ينفخ فيه الروح " لأنّ ظاهر. أنّ نفخ الروح بعد هذه المدة مطلقا إلا أن يقال: إنّ قوله ثم ينفخ بمعنى يكمل النفخ فيه وان كانت نفخت في بعض. (أقول) : هذا الحديث مما اضطربت فيه الرواية والرواة ففي البخاري: " إنّ احدكم يجمع خلقه في بطن أمّه أربعين يوماً ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث الله الملك " وفي مسلم: " إذا مرّ بالنطفة ثمتان وأربعون ليلة بعث الثه إليها ملكاً فصؤرها " الخ. ففي الحديث الأوّل إشعار بأنّ إرسال الملك بعد مائة وعشرين ليلة وفي الثاني تصريح بأنه يبعث بعد أربعين ليلة وأجاب ابن الصلاج بأنّ الملك يرسل غير مرّة إلى الرحم مرّة عقب الأربعين الأولى فيكتب أجله ورزقه وعمله وحاله في الشقاوة والسعادة وغير ذلك ومرّة أخرى عقب الأربعين الثانية فينفخ فيه الروج، ويشكل بما ورد في بعض الروايات عند ذكر

<<  <  ج: ص:  >  >>