أحب إليهم وهو قوله:{يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا} الخ لأنه جواب الأمر فكانه قيل: إن يستغفروه يعطكم ما ذكر فهو وعد وأحبيتهم له لما جبلوا عليه من محبة الأمور الدنيوية:
والنفس مولعة بحب العاجل
فلذا لم يجعل الجواب يغفر لكم ويرحمكم ونحوه من أمور الآخرة.
قوله:(وقيل لما طالت دعوتهم الخ) فيظهر وجه تخصيص ما ذكر بالجوابية، وقوله:
بذلك متعلق بوعدهم والباء صلة، وقوله: بقوله الباء آلية أو ظرفية بمعنى في فلا يتعلق حرفا جرّ بمعنى بمتعلق واحد كما لا يخفى، وقوله: ولذلك الخ أي لوعد الله بالمطر على الاستغفار صار مشروعا فيه وليس الاستغفار مجرّد قول أستغفر الله بل الرجوع عن الذنوب وتطهير الألسنة والقلوب وقوله: والسماء الخ قيل عليه ذكر المطر أيضاً فإنه المدرار حقيقة، وقيل: إنه تركه لظهوره ولاعتماده على أنه فسره به في قوله: {يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا}[سورة الأنعام، الآية: ٦] في الأنعام وفيه نظر، والدر السيلان ولذا سمي اللبن دراً لسيلانه وقوله: يستوي الخ وكذا صيغ المبالغة كلها كما صرح به سيبويه وما خالفه فهو على خلاف القياس وهذا يقتضي أنّ السماء مؤنثة وهي تذكر وتؤنث واقتصر على توجيهه إذا أنث لأنه المحتاج للتوجيه وأخر البنون عن الأموال لأنّ بقاء الأموال بالبنين كما أنّ بقاء الجنات بالماء المعين فلذا أخرت الأنهار أيضاً. قوله:(والمراد بالجنات البسأ-لين) يشير إلى أنّ المراد جنات الدنيا ليكون مما وعدوا به عاجلا وأعاد فعل الجعل دون أن يقول يجعل لكم جنات وأنهاراً لتغايرهما فإنّ الأوّل مما لفعلهم مدخل فيه بخلاف الثاني ولذا قال: يمددكم بأموال وبنين، ولم يعد العامل فإن كانت الجنات والأنهار ما في الآخرة كما قاله البقاعي فتأخيره ظاهر. قوله:(لا تأملون له توقيرا (الرجاء يكون بمعنى التأميل وبمعنى الخوف وكلاهما جائز هنا وبدأ بالأوّل لأنه الأصل المعروف فيه والوقار حينئذ بمعنى التعظيم من الله لعباده أي لم لا تأملون أن تكونوا موقرين عنده تعالى ومعظمين وهو في الحقيقة استفهام وطلب لما هو سببه وهو الطاعة، والعبادة إما مجازاً أو كناية فالوقار بمعنى التوقير كالسلام بمعنى التسليم ويمكن أن يكون هذا من إزالة الشبهة في قولهم فكيف يقبلنا ويلطف بنا الخ، وقوله: وقد خلقكم إلى قوله: فجاجا للدلالة على أنه لا يزال ينعم عليكم مع كفركم فكيف لا يلطف بكم ويوقركم إذا آمنتم ورد بأنّ الإعادة في الأرض ليست من النعم عندهم وإن خلقهم أطواراً ليس في حال الكفر إلا أن تفسر الأطوار بما يعتري الإنان في أسنانه من الأموو المختلفة فيكون بعضها في هذه الحال لكن القائل لم يتعرض لهذا التفسير. قوله: (ولله بيان للموقر) بزنة اسم الفاعل كما تقول سقيا له فهو خبر مبتدأ محذوف أو متعلق بمحذوف يفسره المذكور فالتقدير إرادتي دلّه أو الوقار لله وقوله: ولو تأخر لكان صلة للوتار فلما تقدم امتنع كونه صلة له بناء على امتناع تقدم معمول المصدر عليه ولو ظرفا وإن كان فيه خلاف للنحاة لأنه ارتكاب لأمر مرجوح وترك الراجح بجعله متعلقاً
بمقدر من غير اختلاف مع ما فيه من التفسير بعد الإيهام، وهو أبلغ كما أنه إذا تأخر كان جعله صلة أولى من جعله مستقرا على أنه صفة لما فيه من تقليل التقدير فاندفع ما قيل: إنّ الظرف يجوز تقديمه لتوسعهم فيه مع أنه لا يلزم من تأويل شيء بشيء أن يعطي حكمه، وأيضا إذا تأخر يجوز أن يكون صفة لا صلة فإذا تقدم صار حالاً ولما جعله الزمخشريّ صلة لو تأخر اعترض عليه المعرب بأنه يكون التوقير منهم لله وهو عكس مقصوده، ورد بأنه إذا قيل ضرب لزيد يجوز أن تكون اللام داخلة على الفاعل أو المفعول والتعيين للقرينة وفيه نظر، ثم اعلم أنّ الوقار إذا وصف به الله فهو بمعنى التعظيم أو العظمة وأما المقترن بالحلم فإنه يفهم منه لغة السكون وطمأنينة الأعضاء والأناة والتؤدة ونحوه فلا يطلق عليه تعالى إلا بتوقيف، ونقل وما هنا بمعنى التعظيم أو العظمة كما صرح به صاحب الانتصاف في سورة الحج وهو مخالف للزمخشريّ، والراغب وغيره فإنهم جوّزوا إطلاقه عليه تعالى بمعنى الحلم أو العظمة لأنّ الوقور معظم في نفس الأمر أو في النفوس، وقد أطلقه عليه الزمخشريّ في الحج فاحفظه. قوله: (أو لا تعتقدون له عظمة الخ (فالوقار بمعنى العظمة لأنه ورد في صفاته تعالى بهذا المعنى ابتداء كما ذهب إليه في الانتصاف أو لأنه بمعنى التؤدة لكنها غير مناسبة له تعالى فأطلقت عليه باعتبار غايتها وما يتسبب عليها من العظمة في نفس الأمر أو في نفوس الناس كما عرفته، وقوله: وأنما عبر عن