ليلة القدر لا ليلة النصف من شعبان لأنها وصفت، أنها قضى، وفصل فيها كل أمر محكم أو ذي حكمة والقرآن من أعظمه، وقد صرّج بأنه نزل في ليلة القدر في تلك الآية، وفيه نظر لأنه روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنّ الأمور تقضي في نصف شعبان، وتسلم
. لأصحابها من الملائكة في ليلة القدر فهو زمان ممتد ابثداؤه ليلة النصف، وانتهاؤه ليلة القدر فلا يخالف قوله:{تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ}[سورة القدر، الآية: ٤] الآية فتدبر. قوله:) وقرئ يفرّق
ابالتشديد) وصيغة المجهول، وهو للتكثير، وفيه ردّ على قول بعض اللغويين كالحريري أن الفرق مختص بالمعاني والتفريق بالأجسام وقوله: ويفرق أي قرئ يفرق مخففآ مبنيا للفاعل
" وكل منصوبة على هذه القراءة وكذا فيما بعده إلا أنّ الأوّل بالياء، وهذا بالنون. قوله:(أعني يهذا الآمر أمرا الخ) إشارة إلى أحد الوجوه في إعرابه، وأنه منصوب بمقدر تقديره أعني، وأريد
! وقطع للمدح، وقوله: حاصلاً إشارة إلى أنّ الظرف مستقرّ صفة للنكرة، وقوله: على مقتضى حكمتنا بيان لأنّ المراد بالعندية أنه على وفق حكمته وتدبيره، وليس تفسير الحكيم كما توهم،
وقوله: وفيه أي وصفه بقوله: من عندنا مزيد تفخيم للأمر لصدور. عن حضرة العظمة، وقال مزيد: لأنّ تنكيره يدل على تفخيمه أيضا. قوله:(أو أمرا لأنه وصف فيجوز مجيء الحال منه، وأن كان نكرة، وقول المعرب أنه حال من المضاف إليه في غير المواضع المذكورة في النحو غير صحيح لأنه كالجزء في جواز الاستغناء عنه بأن يقال يفرق أمر حكيم على إرادة عموم النكرة في الإثبات كما في قوله:{عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ}[سورة التكوير، الآية: ١٤] . قوله: (أو ضميره) أي ضمير أمر، وهو متعين لجرّه فلا يلتفت إلى إيهام أن المراد ضمير كل، وقوله: لأنه أي أمر الذي هو مرجع الضمير موصوف بحكيم فلا بد من أن يستتر فيه ضميره أو لأنّ أمرا الواقع حالاً موصوف بقوله: من عندنا فيغاير الأوّل، ويصح وقوعه حالاً على الوجوه من غير لغوية فيه، وكونها مؤكدة غير متات مع الوصفية، وكأنه مراد المصنف رحمه الله، ولذا أخره، ولو أراد الأوّل قدمه على قوله: أو ضميره مع أنّ عموم النكرة المضاف إليها كل مسوغ للحالية من غير احتياج إلى الوصف فلا غبار عليه. قوله:(وأن يكون المراد به مقابل النهي (وفي نسخة وأن يراد به وقد كان في الوجوه السابقة واحد الأمور فهو منصوب على أنه مصدر لقوله يفرق بمعنى يقتضي، ويؤمر أو هو مفعول مطلق لفعل مقدر من لفظه، وقوله: من حيث الخ راجع للوجهين قبله لأنه إذا كان الفرق بالأمر يجوز وقوعه مفعولاً مطلقا له كضربتة سوطأ أو أن يقدّر له ناصب من لفظه بدلالة ما قبله، وتكون هذه الجملة بياناً لقوله يفرق الخ. فلا يرد عليه أنه كان ينبغي أن يقدّمه على قوله أو لفعله كما قيل، وأن يراد معطوف على ما قبله بحسب المعنى أو على قوله أن يكون حالاً، والتقابل باعتبار المصد* ية، ومقابلة النهي. قوله:) أو حالآ من أحد ضميري أنزلناه) مؤوّلاً بمشتق لأنه الأصل في الحال، ولا يضره الفاصل على الاعتراض وكذا على التعليل لأنه غير أجنبيّ كما أشار إليه المصنف رحمه الله. قوله:(بدل من {إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ} ) بدل كل أو بدل اشتمال باعتبار الإرسال، والإنذار، وما بينهما غير أجنبي فلا يضرّ فصله، وقوله: لأن من عادتنا الخ. العادة من قوله كنا فإنه يقال: كان يفعل كذا لما تكرّر وقوعه، وصار عادة كما صرحوا به، وأتي باللام لأنّ المبدل منه تعليل لما قبله كما مز قلا يرد عليه أنّ النظم لا يفيده كما توهم، ولذا عدل عن إنا مرسلون الأخصر وقوله: بالكتب يفهم من السياق وتعقيبه لقوله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ}[سورة القدر، الآية: ا] الخ، وقوله: لأجل الرحمة يعني أنه على البدلية مفعول له كما أنه على العلة مفعول به، ووجه التخصيص كما في شروح الكشاف، وإن خفي على بعض منهم أنّ البدل على الوجهين يلزمه الاتحاد أو الملابسة، وارسال الرسل، والكتب مع الإنذار كذلك بخلاف إرسال الرحمة الذي يقابل إمساكها فإنه إن
لم يناف الإنذار لا يلابسه، ويلائمه، ولا يضرّ في وقوع المغاير علة له بخلاف ما إذا كانت الجملة تعليلاَ لأمرا من عندنا أو للفرق، والتفصيل فإنه لا بد من كونه مفعولاً به ليصح التعليل إذ لو قيل فيها تفصيل كل شأن حكيم لأنا فاعلو الإرسال للرحمة لم يفد أنّ التفصيل رحمة، ولا أنه مرسل فلا يستقيم التعليل هكذا ينبغي أن يحقق هذا المقام من غير لغو من الكلام. قوله:(ووضع الرب موضع الضمير) ، ولم يقل بدله منا كما هو الظاهر للإشارة إلى أنّ إرسالط الرسل مقتضى