النعمة، والعين على الجاسوس، والرأس على الرئيس، وقال صاحب الانتصاف لم يسموا سابقة السوء قدما إمّا لكون المجاز لا يطرد أو لأنه غلب في العرف عليه. قوله:(وإضافتها إلى الصدق) أصل الصدق في الأقوال قال الراغب: ويستعمل في الأفعال فيقال صدق في القتال إذا وافاه حقه، وكذا في ضدّه يقال كذب فيه فيعبر به عن كل فعل فاضل ظاهراً، وباطنا، ويضاف إليه كمقعد صدق، ومدخل صدق، ومخرج صدق، وقدم صدق، ولسان صدق في قوله، واجعل لي لسان صدق سأل أن يجعله الله صالحأ بحيث إذا أثنى عليه لم يكن كذبا كما قال:
إذانحن أثنينا عليك بصالح فأنت كما تثني وفوق الذي نثني
فإضافته من إضافة الموصوف إلى صفته، وأصله قدم صدق أي محققة مقرّرة لما عرفت
من معناه، وفيه مبالغة لجعلها عين الصدق، ثم جعل الصدق كأنه صاحبها، وهذا من منطوقه، وقوله والتنبيه الخ أي تنبيه على أنهم إنما نالوا تلك السابقة بصدقهم ظاهراً وباطناً، واعترض! عليه بأنه إنما يحصل هذا إذا كانت الإضافة من إضافة المسبب إلى السبب إلا أن يكون في التنبيه إشارة إلى احتمالها لها، ويدفع بأنه لا حاجة إلى ما ذكر لأنّ الصدق إنما تجوّز به عن توفية الأمور الفاضلة حقها للزوم الصدق لها حتى كأنها لا توجد بدونه ويكفي مثله في ذلك التنبيه، وهذا كما أنّ أبا لهب يشعر بأنه جهنمي. قوله:(يعنون الكتاب الخ) يعني الإشارة إلى
الكتاب السابق ذكره، وعلى قراءة لساحر الإشارة إلى رجل، وقوله وفيه اعتراف الخ لأنّ السحر خارق للعادة، وقال النحرير لأنّ قولهم إنّ هذا لسحر المراد به الحاصل بالمصدر وهم كاذبون في ذلك عند أنفسهم أيضا، وبهذأ الاعتبار يكون دليل عجزهم لأنّ التعجب أوّلاً ثم التكلم بما هو معلوم الانتفاء قطعا حتى عند نفس المعارض دأب العاجز المفحم، وما قيل عليه أنه لا دخل لتعجبهم فيه فالأولى تركه ليس بشيء. قوله:) التي هـ! أصول الممكنات) إنما فسر به بيانا لحكمة تقديمها، وكونها أصولاً لأنّ السماء جارية مجرى الفاعل، والأرض مجرى القابل، وبإيصال الكواكب اختلاف الفصول، ويكون م! فيها على ما قزره الحكماء وقد تقدم تفصيله وقوله تعالى:{فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ}[سورة الأعراف، الآية: ٥٤] قيل هي مدة مساوية لأيام الدنيا، وقيل هي بالمعنى اللغوفي، وهو مطلق الوقت وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنها من أيام الآخرة ١٠ لتي هي كألف سنة مما تعدون قيل، والأوّل أنسب بالمقام لما فيه من الدلالة على القدرة الباهرة بخلق هذه الأجرام العظيمة في مثل تلك المدّة اليسيرة، ولأنه تعريف لنا بما نعرفه، وقوله استوى إمّا بمعنى استوى أمرد، وتمّ أو استولى فيرجع إلى صفة القدرة، وقيل إنه صفة غير الثمانية لا يعلم ما هي، وقيل إنه مما اشتبه فيتوقف فيه كما فصل في محله، والعرش تقدم أنه الجسم المحيط بجميع الكائنات أو الملك أو شيء غير ذلك. قوله:(يقدّر أمر الكائنات على ما اقتضته حكمته الخ) يعني تعريف الأمر للعهد، والمراد أمر الكائنات، وتدبيرها بمعنى تقديرها جارية على مقتضى الحكمة، وأمّا ما سيذكره فهو معناه اللغوفي، وقوله وسبقت به كلمته أي قضاؤه كما في قوله:{وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ}[سورة الأنعام، الآية: ١١٥] وجملة يدبر استئنافية لبيان حكمة استوائه على العرس وتقرير لعظمته، وقوله ويهيئ بتحريكه أي بسبب تحريك العرس، وفلك الأفلاك أسباب ذلك لأنّ بحركته تحريك غيره ولذا اقتصر عليه. قوله:(والتدببر النظر الخ (وجه لاشتقاقه، وبيان لحقيقته، وقوله تقرير لعظمته لأنها علمت من خلق المخلوقات العظام فقرّر ذلك بأنه لعز جلاله لا يجسر أحد على الشفاعة عنده بغير إذن فالتقدير لا شفاعة لشفيع، وهو تعليم للعباد أنهم إذا فعلوا شيئا يتأنون والا فهو سبحانه وتعالى قادر على خلقها دفعة في آن واحد، وعدل عن قول الزمخشريّ يدبر يقضي، ويقدّر على حسب مقتضى الحكمة، ويفعل ما يفعل المتحريّ للصواب الناظر في أدبار الأمور وعواقبها لئلا يلقاه ما يكره آخراً انتهى لأنه كما قيل خطأ لفظا، ومعنى فإنه لا يجوز إطلاق التحرّي على الله، ولا يمثل فعل الله به، ولأنه مبنيّ على رأيه، وهي قاعدة فاسدة عند أهل السنة. قوله: (وردّ على من زعم أنّ اكهتهم تشفع الخ) قيل هذا الردّ غير تامّ لأنهم لما ادعوا شفاعتها قد يدعون الإذن
لها فكيف يتمّ هذا الرذ، ولا دلالة فيها على أنهم لا يؤذن لهم