ظهورهما أي ما حملت الحوايا لكن الأنسب عطفها على ما حملت بتقديره مضاف أي شحوم الحوايا وقوله:(مما اشتمل) بيان لذلك، ويحتمل عندي أن يكون ما اشتمل تفسيراً للحوايا لأنه من حواه بمعنى اشتمل عليه فيطلق على الشحم الملتف على الأمعاء، وان كان المشهور أنها نفس الأمعاء، وهو على هذا معطوف على المستثنى داخل في حكمه يعني حزمنا جميع شحومهما إلا هذه الثلاثة فكان المناسب هو الواو دون أو لأنّ المخرج جميعها لا أحدها، وأجيب بأنّ الاستثناء من الإثبات نفي وأوفى النفي تفيد العموم لكونه بمنزلة النكرة في سياق النفي فيصير المعنى لم
يحرّم واحد منهما على التعيين وذلك ينفي المجموع ضرورة، وفيه أن الاستثناء إنما يقتضي نفي الحكم عن المستثنى بمنزلة قولك انتفى التحريم عن هذا أو ذاك، فالوجه أن يقال أو في العطف على المستثنى من قبيل جالس الحسن أو ابن سيرين، كما ذكره في العطف على المستثنى منه يعني أنها الإفادة التساوي في الحكم فيحرم الكلم وسيأتي البحث فيه. قوله:(جمع حاوية أو حاوياء الخ) إختلف أهل اللغة في معناها فمنهم من فسره بما مرّ، وقيل: هي المباعر وقيل: المصارين والإمعاء، وقيل: كل ما يحويه البطن فاجتمع واستدار، وقيل: هي الدوارة التي في بطن الشاة ثم اختلف في مفردها فقيل حاوية بوزن فاعلة، وقيل: تحوية كظريفة وقيل: حاوياء بالمد كقاصعاء، وجوّز الفارسي أن يكون جمعا لكل واحد من هذه الثلاثة، وقد سمع في مفردها ذلك فحاوية وحوايا كزاوية وزوايا ووزن جمعه فواعل والأصل حواوي فقلبت الواو التي هي عين الكلمة همزة، لأنها ثاني حرفي لين اكتنفاء مذة فواعل، ثم قلبت الهمزة المكسورة ياء لثقلها، ثم فتحت لثقل الكسرة على الياء فقلبت الياء الأخيرة ألفاً لتحرّكها بعد فتحة فصارت حوايا أو قلبت الواو همزة مفتوحة، ثم الياء الأخيرة ألفا ثم الهمزة ياء لوقوعها بين ألفين كما فعل بخطايا، وكذلك إن قلنا إنّ مفردها حاوياء وزن الجمع فواعل كقاصعاء وقواصع واعلاله كالذي قبله، فإن كان مفردها حوية فوزنه فعائل كظريفة وظرائف، وأصله حوائي فقلبت الهمزة ياء مفتوحة والياء التي هي لام ألفا فصار حوايا فاللفظ متحد والعمل مختلف، وما وقع في القاموس والصحاح هنا غير محرر، وعلى ما ذكرناه ينزل كلام المصنف رحمه الله. قوله:(وقيل هو عطف على شحومهما) هذا على على مقدر أي وهو معطوف على ما قبله، وقيل الخ أو على معنى ما قبله فعلى الأوّل يكون معطوفاً على المستثنى يعني حرّمنا شحومهما إلا هذه الثلاثة، وعلى هذا هو معطوف على غير المستثنى فتكون محرّمة، قيل: ولقائل أن يقول إمّا أن يحرّم عليهم ما اشتمل على الأمعاء فعلى تقدير عطف الحوايا على ظهورهما يلزم أن تكون حلالآ أو لا يحرّم فعلى تقدير عطفه على شحومهما، يلزم أن يكون حراما هذا خلف وأيضا يمنعه قوله أو ما اختلط فإنه معطوف على المستثنى بلا شبهة وليس بشيء لأن هذين القولين منقولان عن السلف، وأكثرهم ذهب إلى الأوّل ومن ذهب إلى الثاني، قال بتحريمه: وتحريم ما اختلط ومن ذهب إلى الأوّل خالفه فيه فلا وجه لما ذكره. قوله:(وأو بمعنى الواو) هذا إمّا على الوجهين كما نقلناه عن النحرير أو على الأخير كما ذهب إليه العلامة، وكلام المصنف يحتملهما وقال النحرير: أو هاهنا مثلها في جالس الحسن أو ابن سيرين أي لإفادة التساوي في الحكم فيحرم الكل، وقيل هي للتفصيل وهو قريب منه، وقد يحمل على ظاهره ويقال معناه حرّمنا عليهم شحومهما أو حرّمنا عليهيم الحوايا أو حرّمنا عليهم ما اختلط بعظم فيجوز له ترك أكل أيها كان وأكل الآخرين، ورذ بأن الظاهر إن مثل هذا وإن كان جائزا فليس من الشرع أن يحرّم أو يحلل واحد مبهم من أمور معينة، وإنما ذلك في الواجب فقط وقيل فيه بحث لأنه المعلوم من شرعنا لا من شرع اليهود، وهذا كله ليس بشيء
فإنّ الحرام المخير والمباح المخير صرح به الفقهاء وأهل الأصول قاطبة، والعجب من النحرير كيف ينكره مع اشتهاده، قال السبكي رحمه الله: في الأشياء مسألة يجوز أن يحزم واحد من أشياء مبهمة خلافاً للمعتزلة ونقل المسألة عن القرافي وأطال في تقريرها، ثم قال: ويفرض ذلك في مضطر وجد سمكاً ولبناً فإن جمع بينهما فعلاً وتركا كان آثماً، ومثل له بمثال آخر فإن أردته فراجعه، وقد ذكره ابن الهمام في تحريره أيضا، ثم إنكاره الإباحة أغرب فإنك إذا قلت لأحد انكح هنداً أو زينب وهما أختان فقد أبحت له واحدة