في الإضافة عائد على من وتركه لظهوره فادّعاء عدم الظهور فيه مكابرة، وعلى هذه القراءة كان الظاهر أن يقال بالمهديين، وكان وجه العدول عنه الإشارة إلى أن الهداية صفة سابقة ثابتة لهم في أنفسهم كأنها غير محتاجة إلى جعل لقوله: كل مولود يولد على الفطرة بخلاف الضلال فإنه أمر طارئ أوجده فيهم فمن قال: يرد عليه إنّ سياق الكلام لبيان الضالّ لا المضل ويدذ عليه قوله وهو أعلم بالمهتدين فليس من المهتدين لهذه النكتة، وكيف يصح ما ذكره بعد القراءة بها. قوله:(والتفضيل الخ) يعني زيادته إمّا في المعلومات أو في وجوه العلم أو باعتبار الكيفية وهي لزوم علمه أو كونه ذاتيا. قوله:(مسبب عن إنكار الخ) لأنه أنكر اتباع المضلين ومن جملة ما هم عليه الذبائح للأصنام وغيرها، وتحريمهم الحلال كالصوائب والبحائر وتحليل الحرام كالميتة وما ذبح لغير الله. قوله:(لا مما ذكر عليه اسم غيره) قيل الحصر مستفاد من عدم اتباع المضلين ومن التقييد بالشرط المذكور، وقيل من سبب النزول وانّ نزاع القوم إنما هو في الميتة دون ما ذكر عليه اسم الله فلو لم يكن المراد إباحة ما ذكر اسم الله عليه فقط لكان الكلام متعرضا لما لا يحتاج إليه ساكتا عما يحتاج إليه، وقيل عليه لا حاجة إلى هذا والنفي المذكور مستفاد من صريح النظم وهو قوله ولا تأكلوا مما لم الخ فإنه
وقوله وذروا الخ معطوفان على قوله فكلوا، وقوله وما لكم من تتمة المعطوف عليه يشير إلى أنّ التسبب باعتبار المعطوف ولا دخل فيه للمعطوف عليه، وفائدته الرذ على من تحرّج من المسلمين في أكل الذبيحة وان ذكر عليها اسم الله كما صرح به في قوله: وما لكم أن لا تثلوا الخ تقريعا لهم على ذلك، ويردّه أنهم جعلوا هذا النفي مأخوذاً من المعطوف عليه فقط مستفاداً من قبل ذكر المعطوف فلا بد من ملاحظة ما ذكره النحرير كغيره. قوله:(حتف أنفه (أي من غير ذبح ونحوه قال الجوهري: ولم يسمع له فعل، وحكى ابن القوطية في أفعاله له فعلاً وهو حتفه الله يحتفه من باب ضربه إذا أماته قيل أوّل من تكلم حتف أنفه النبيّ لمجور فهي لغة إسلامية وليس كذلك فإنهم تكلموا بها في الجاهلية قال السموأل:
وماماًت مناسيدحتف أنفه ولاضل مناحيث مات قتيل
وخص الأنف لأنهم أرادوا أنّ روحه تخرج من أنفه بتتابع أنفاسه فتخيلوا خروج روج المريض من أنفه والجريح من جراحته. قوله: (إن كنتم بآياته مؤمنين) أي إن صرتم عالمين حقائق الأمور بسبب إيمانكم بالله وهذا من جملة ذلك فألزموه وقيل إن كنتم متيقنين بالإيمان، وعلى يقين منه فإنّ التصديق يختلف ظنا وتقليدا وتحقيقاً. قوله:(وأيّ غرضى لكم الخ) اختلف في سبب نزول الآية فقال علم الهدى سببه أن المسلمين كانوا يتحرّجون من أكل الطيبات تقشفا وتزهداً، ويؤيده قوله مالكم الخ، ثم إنه قيل إنه يجوز اكل مما ذكر اسم الله عليه وغيره معا، وليست من التبعيضية لإخراجه بل لإخراج ما لم يؤكل منه كالروث والدم، وهو خارج بالحصر السابق كما نطق به كلامه، وقوله: في أن إشارة إلى تقدير في قبل المصدر المؤوّل وليس حالاً كما أعربه بعضهم لأنّ المصدر المؤوّل من أن والفعل لا يقع حالاً كما صرح به سيبويه لأنه معرفة ولأنه مصدر بعلامة الاستقبال المنافية للحالية، وان أيده وقوع الحال بعده كثيراً نحو ما لهم عن التذكرة معرضين إلا أن يؤوّل بنكرة أو يقدر مضاف، وقوله بقوله: حرمت عليكم الميتة تبع فيه الزمخشري، وقد ردّه الإمام وغيره بأنّ الصواب بقوله:{قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا}[سورة الأنعام، الآية: ٤٥ ا] الآية فبقي ما عدا ذلك على الحل لا بقوله حرّصت الخ لاً نها مدنية، وأما التاخر في التلاوة فلا يوجب التأخر في النزول وقيل: التفصيل بوحي غير متلو كما أشير إليه في قوله قل لا أجد فيما أوحى إليّ محرما الآية وفصل وحرم قرئ كلى منهما معلوما ومجهولاً. قوله: " لا ما اضطررتم إليه) ظاهر تقرير الزمخشري أنّ ما موصولة فلا
يستقيم غير جعل الاستثناء منقطعاً، قيل ولك أن تجعله استثناء من ضمير حرم، وما مصدرية في معنى المدّة أي الأشياء التي حرّمت عليكم إلا وقت الاضطرار إليها، وفيه أنه لا يصح حينئذ الاستثناء من الضمير بل هو استثناء مفرغ من الظرف العام المقدر ومن في مما حرم تبعيضية وضمير إنه راجع لما. قوله: (وقيل الزنا في الحوانيت