للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عند الله وفي دلالة النظم عليه خفاء إلا أن يقال جعل الجملة الاسمية حالية دالة على تقرره وثبوته في نفسه أو أن يجعل الكتاب بمعنى المعهود إعجازه، وهذا من عدم تدبر الآية إذ المعنى لا أبتغي حكماً في

شأني وشأن غيري إلا الله الذي نزل الكتاب لذلك وإنما يحكم له بصدق مدعاه بالإعجاز فإنهم لما طعنوا في نبوّته، وأقسموا أنهم إن جاءتهم آية آمنوا بين الله أنهم مطبوع على قلوبهم وأمره بأن يوبخهم وينكر عليهم بقوله أفغير الله الخ أي " عدل عن الطريق المستقيم فأخص غيره بالحكم، وهو الذي أنزل هذا الكتاب المعجز الذي أفحكم وألزمكم الحجة يكفي به حاكماً بيني وببنكم بإنزال هذا الكتاب المفصل بالآيات البينات من التوحيد والعدل والنبوّة والإخبار إلى غير ذلك مما هو كالعقد المفصل الذي أعجزكم عن آخركم فأجابهم بالقول بالموجب لأنهم طعنوا في معجزاته فبكتهم على أحسن وجه، وضم إليه علم أهل الكتاب فقوله ينفي التخليط والالتباس مأخوذ من كونه مفصلا وكونه معجزاً مأخوذ من كونه مغنيا عما عداه في شأنه وشأن غيره كما مز. قوله:) بعلم أهل الكتاب) جارّ ومجرور متعلق بتأييد، وبه متعلق بعلم أي بحقيته، ولتصديقه علة العلم ووجه التأييد ظاهر، والفرق بين أنزل ونزل مرّ تحقيقه وأن الأؤل دفعيّ والثاني تدريجيّ وهو أكثري والقراءة بهما هنا تدل على قطع النظر عن الفرق وليس إشارة إلى المعنيين باعتبار إنزاله إلى سماء الدنيا، ثم إنزاله إلى الأرض لأنّ إنزاله دفعة إلى السماء لا يعلمه أهل الكتاب. قوله:) في أنهم يعلمون ذلك الخ (لما كان النبيّ مجشحيه لا يمتري في حقيته أجابوا عما اقتضاه ظاهر النظم بأربعة أوجه، الأوّل هذا وهو أنّ المراد امتراؤه في علم أهل الكتاب بذلك، ولعله قبل إعلام الله له إذ بعده لا امتراء فيه أيضا ولو قدم قوله بجحود أكثرهم كما في الكشاف ليبين سبب امترائه في علمهم لكان أولى، وقوله: من باب التهييج جواب ثان أي ليس المراد حقيقته بل تهييجه وتحريضه على ذلك، وتوله: (أو خطاب الرسول صلى الله عليه وسلم الخ) جواب آخر أي أن الخطاب لأمته على طريق التعريض، وقوله: (وقيل الخطاب لكل أحد) جواب رابع والمراد كل أحد ممن يتصوّر منه الامتراء لما تقرّر أن أصل الخطاب أن يكون مع معين وقد يكون لغيره كما في قوله ولو ترى إذ المجرمون فلا يرد ما قيل: إن جعل الخطاب لعموم الناس يحتاج إلى جعل العموم لما سواه أو جعل خطابه للتهييج، فيلزم الجمع بين الحاقيقة والمجاز إلا أن يجعل النهي كناية عن أنه لا ينبغي لأحد أن يمتري فيه، واليه يشير قوله: (فلا ينبغي الخ) مع أنّ الظاهر أنه جمع بين مجازين لا بين مجاز

وحقيقة. قوله:) بلغت الخ أليس المراد أنه عرض لها التمام بعد ضده بل المراد إنها بدئت كذلك، واستمرّت عليه، والفعل تد يرد لمثله نحو: {كَانَ اللهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [سورة النساء، الآية: ٩٦] فليس من يدع التفاسير كما توهم، ثم لما كان التمام يعقبه النقص غالبا كما قيل:

إذا تم أمر بدا نقصه تيقن زوالاً إذا تيل تم

ذكر قوله لا مبدل لكلماته احتراساً وبياناً لأن تمامها ليس كتمام غيرها، وقوله في الأخبار والمواعيد بناء على أنّ الوعد خبر كما مز، وقيل إنه إنشاء وصدقها عدم الخلف فيها فالظاهر العطف بأو والنصب على الوجوه من ربك أو الكلمة. قوله: (لا أحد يبدل شيئاً منها الخ (المراد أنه لا أصدق منها فتبدل به ونفى الأصدقية يدل على نفي المساواة، كما يقال ليس في البلد أعلم من فلان كما مز تفصيله فلا يقال إنه لا ينافي جواز التبديل بما هو مثله، وقيل: الباء هنا ليست في موقعها لأنّ معنى بدله بخوفه أمنا أزال خوفه إلى الأمن وليس بوارد لأنه يقتضي أنّ الباء لا تدخل على المأخوذ وقد صرّحوا بخلافه، وفي الكشف أنه إذا قيل تبذل الكفر بالإيمان أريد أتخذ الكفر بدله فالمطلوب المأخوذ هو ما عدّى إليه الفعل بلا واسطة، وإذا قيل بدله به أريد غيره به فالحاصل ما أفضى إليه الفعل بالباء، قال في تفسير قوله تعالى: {لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ} لا أحد يبدل شيئا بما هو أصدق انتهى، فقد فرق بين بدل وتبذل وما ذكره ناشئ من عدم الفرق، وقوله: (أصدق (إن قيل الصدق لا يقبل الزيادة والنقص لأنه إن طابق الواقع فصدق والا فكذب، قيل المراد أبين وأظهر صدقا، وفي الحديث أصدق الحديث الخ قال الكرماني جعل الحديث كمتكلم فوصف به كما يقال زيد

<<  <  ج: ص:  >  >>