للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مما تقدم يتبين أنَّ الأعمش رواه على ثلاثة أوجه، فجعل في الأول الراوي إبراهيم، وفي الثاني الأسود، وفي الثالث إبراهيم، عن أصحاب عبد الله علقمة والأسود، وهذا يثير في النفس أنْ يكون الأعمش لم يضبط هذه الآثار، وقد يقول قائل: إنَّ هذا اضطراب.

إلا أنَّ مما يبعد أنَّ يكون الأعمش قد اضطرب في هذا الحديث، أنَّ روايات الأعمش كانت عن إبراهيم - وهو النخعي - وعلقمة والأسود وهؤلاء كوفيون، والأعمش كذلك كوفي، وأهل البلد أعرف بحديث بلدهم (١).

وأخرج: عبد الرزاق (٢٩٥٦)، وابن أبي شيبة (٢٧١٩)، والطحاوي في " شرح معاني الآثار " ١/ ٣٣٢ وفي ط. العلمية (١٤٩٢) أنَّ إبراهيم سُئل عن الرجل يضع يديه قبل ركبتيه؟ فكره ذلك، وقال: هل يفعله إلا مجنون (٢)؟.

وبعد هذه الدراسة المستفيضة ظهر أنَّ أدلة من قال بوضع الركبتين أولاً أقوى، وإنْ كان النووي قال في " شرح المهذب " ٣/ ٢٧٤: «ولا يظهر ترجيح أحد المذهبين من حيث السنة».

ومن التفرد النسبي ما تفرد به أهل بلد، مثاله ما روى الحسنُ بن يزيد الأصم، قال: سمعت السُّدِّيَّ إسماعيلَ يذكره، عن أبي عبد الرحمان السُّلَميِّ، عن علي قال: لما تُوفِّي أبو طالب أتيتُ النَّبيَّ ، فقلتُ: إنَّ عَمَّكَ الشيخَ قد ماتَ، قال: «اذهَبْ فوارهِ، ثمَّ لا تُحدثْ شيئاً حتى تأتيني» قال فواريتُه ثم أتيتُه، قال: «اذهَبْ فاغتسِلْ، ثم لا تُحدثْ شيئاً حتى تأتِيَني» قالَ: فاغتسلتُ ثُمَّ أتيتهُ، قال: فدعا لي بدَعَواتٍ ما يَسُرُّني أنَّ لي


(١) ولا نغفل هنا على ما دبجه يراع الذهبي إذ قال في كتابه العظيم " ميزان الاعتدال " ٢/ ٢٢٤ (٣٥١٧): «وهو يدلس، وربما دلس عن ضعيف، ولا يدري به، فمتى قال: حدثنا فلا كلام، ومتى قال «عن» تطرق إليه احتمال التدليس إلا في شيوخ له أكثر عنهم: كإبراهيم، وأبي وائل، وأبي صالح السمان؛ فإنَّ روايته عن هذا الصنف محمولة على الاتصال».
(٢) لفظ ابن أبي شيبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>