للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم لا يُصوَّبُ قولهما جميعاً حتى يكون حجر بن عنبس أبا العنبس (١)؟ اللهم إلا أنْ يكونا - أعني: البخاري وأبا زرعة - قد علما له كنية أخرى، وإلى ذلك فإنَّه لا تعرف حاله. وهذا هو الثالث؛ فإنَّ المستور الذي روى عنه أكثر من واحد مختلَف في قبول حديثه ورده؛ للاختلاف الذي في أصل ابتغاء مزيد العدالة بعد الإسلام.

والرابع: أنَّهما - أعني: الثوري وشعبة - اختلفا أيضاً في شيء آخر، وهو أن جَعَله الثوري من رواية حجر، عن وائل، وجَعَله شعبة من رواية حجر، عن علقمة بن وائل (٢). ولما ذكر الدارقطني رواية الثوري صححها (٣) كأنَّه عرف من حال حجر الثقة ولم يره منقطعاً بزيادة شعبة: علقمةَ ابن وائل في الوسط، وفي ذلك نظر. وهذا الذي ذكرنا هو موجب حكم الترمذي عليه بأنَّه حسن، وقد كان من جملته اضطرابهما في متنه (بخفض ورفع)، والاضطراب في المتن علة مضعِّفة، فالحديث لأنْ يقال فيه: ضعيف أقرب منه إلى أنْ يقال: حسن، فاعلم ذلك».

فابن القطّان هنا يرى أنَّ الحديث ضعيف في جملته وذكر أموراً لدعم


(١) قال ابن حجر في " التلخيص الحبير " ١/ ٥٨٢ (٣٥٣): «وبهذا جزم ابن حبان في " الثقات " أن كنيته كاسم أبيه، ولكن قال البخاري: إن كنيته أبو السكن. ولا مانع أنْ يكون له كنيتان» انظر: " التاريخ الكبير " ٣/ ٦٨ (٢٥٩)، و " الثقات " لابن حبان ٤/ ١٧٧.
(٢) قال الحافظ في " التلخيص الحبير " ١/ ٥٨٢ (٣٥٣): «لم يقف ابن القطان على ما رواه أبو مسلم الكجي في " سننه "، قال: حدثنا عمرو بن مرزوق، قال: حدثنا شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن حجر، عن علقمة بن وائل، عن وائل، قال: وقد سمعه حجر من وائل، قال: صلى النبي … (فذكر الحديث)، وهكذا رواه أبو داود الطيالسي في "مسنده" عن شعبة، عن سلمة، قال: سمعت حجراً أبا العنبس، سمعت علقمة بن وائل، عن وائل قال: وسمعته من وائل، فبهذا تنتفي وجوه الاضطراب عن هذا الحديث، وما بقي إلا التعارض الواقع بين شعبة وسفيان فيه في الرفع والخفض، وقد رجحت رواية سفيان بمتابعة اثنين له بخلاف شعبة، فلذلك جزم النقاد بأن روايته أصح، والله أعلم».
(٣) انظر: " سنن الدارقطني " ١/ ٣٣٤ ط. العلمية.

<<  <  ج: ص:  >  >>