للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: إنَّهما هما (١).

وهذا إسناد ضعيف؛ أبو الفرات لم أقف له على ترجمة إلا في " تاريخ دمشق " ٧١/ ٩٨ ولم ينقل فيه جرحاً ولا تعديلاً. زد على ذلك زيادات هذه الرواية على سابقاتها.

مثال آخر لما اضطرب راويه في متنه وإسناده ما روى سفيان بن عيينة، عن مِسْعر - وهو ابن كدام -، عن عمرو بن مرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قالَ: قالَ النَّبيُّ : «ليسَ على الأَمَةِ حدٌّ حتّى تحصنَ، فإذا أُحصنتْ بزوجٍ فعليها نصفُ ما على المحصناتِ».

هذا إسناد ظاهره الصحة، إلا أنَّه معلول باختلاف سفيان فيه رفعاً ووقفاً، فضلاً عن بعض الاختلاف في إسناده.

فقد رواه عبد الله بن عمران العابدي عند الطبراني في " الأوسط " (٤٨١) ط. الحديث و (٤٧٨) ط. العلمية و (٣٨٣٤) كلتا الطبعتين، وابن شاهين في " ناسخ الحديث ومنسوخه " (٦٧٣)، ومن طريقه ابن الجوزي في " العلل المتناهية " (١٣٢٧)، والضياء المقدسي في " المختارة " ١٠/ ٣٢٨ (٣٥٣) و ١٠/ ٣٢٩ (٣٥٥) بالإسناد أعلاه مرفوعاً.

وخولف العابدي إذ رواه عن سفيان، سعيد بن منصور (٦١٦)(التفسير)، ومن طريقه البيهقيُّ ٨/ ٢٤٣ بالإسناد أعلاه موقوفاً.

قلت: ونظرة فاحصة في حال الراويين المختلفين على سفيان نجد أنَّ عبد الله بن عمران العابدي صدوق (٢)، وأنَّ سعيد بن منصور ثقة مُصنِّف (٣)، ولا شك في رجحان رواية سعيد على رواية نظيره لعلو كعبه في هذا الشأن.

وقد ذهب بعض أهل العلم إلى إعلال الرواية المرفوعة بعبد الله بن عمران، فقال الطبرانيُّ: «لم يرفع هذا الحديث عن سفيان إلا عبد الله بن عمران العابدي»، وقال ابن شاهين عقبه: «وأحسب أنَّ هذا الحديث ناسخ


(١) لفظ رواية أبي عبيد القاسم بن سلّام.
(٢) " التقريب " (٣٥١٠).
(٣) " التقريب " (٢٣٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>