فتخلفتْ لالتماسه، فانطلقَ أبو بكرٍ إلى عائشةَ فتغيَّظ عليها في حبسها الناسَ؛ فأنزلَ اللهُ ﷿ الرخصةَ في التيمم. قالَ: فمسحنا يومئذٍ إلى المناكبِ، قالَ: فانطلقَ أبو بكرٍ إلى عائشة، فقال: ما علمتُ أنَّكِ لمباركةٌ.
وأخرجه: أحمد ٤/ ٣٢١، وأبو داود (٣١٨)، وابن ماجه (٥٧١) من طريق يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، حدثه (١) عن عمَّار بن ياسر أنَّه كانَ يحدِّثُ أنَّهم تَمسحوا وهو معَ رسول الله ﷺ بالصعيدِ لصلاةِ الفجرِ، فضربوا بأَكُفِّهمُ الصعيدَ، ثُمَّ مسحوا وجوههم مسحةً واحدةً ثُمَّ عادوا فضربوا بأَكُفِّهمُ الصعيدَ مرةً أخرى، فمسحوا بأيديهم كلِّها إلى المناكبِ والآباط منْ بطونِ أيديهم.
قلتُ: منْ خلال ما تقدمَ يتبين أنَّ الرواة المعروفين بالرواية عن الزهريِّ اختلفوا في إسناد هذا الحديث، فمنهم من قال: عنه، عَنْ عبيد الله، عن ابن عباس، عن عمار، ومنهم من قال عنه، عن عبيد الله، عن أبيه، عن عمار، ومنهم من قال: عنه، عن عبيد الله، عن عمار ومنهم مَنْ أرسله، ومنهم من ذكر ضربةً واحدةً، ومنهم مَنْ ذكر ضربتين، فهذا الاختلاف يعدُّ من قرائن رد هذا الحديث، وحمل الاضطراب في ذلك على الزهريِّ، وأنَّ عامة الرواةِ اجتمعت قرائن قبول روايتهم عنه، وظهر ما يبرئ ساحتهم من الوهم والخلل، وقد حاول بعض أهل العلم تأويل هذا الحديث لرد ما اعتراه من اضطراب، قال الأثرم فيما نقله الزيلعيُّ في " نصب الراية " ١/ ١٥٦: «إنَّما حكى فيه فعلهم دون النَّبيِّ ﷺ كما حكى في الآخر: أنَّه أجنب فعلمه ﵇»، وقال ابن حبان عقب (١٣١٠): «كان هذا حيث نزل آية التيمم قبل تعليم النَّبيِّ ﷺ عماراً كيفية التيمم، ثمَّ علمه ضربةً واحدةً للوجه والكفين لما سأل عمار النَّبيَّ ﷺ عن التيمم».
(١) الهاء هنا تعود على الزهري، أي: أن عبيد الله بن عتبة حدَّث الزهري عن عمار، وهذا أمرٌ ظاهر لكني بينت هذا الظاهر حتى لا يلتبس على من لم يمعن النظر فيظن هذه صيغة سماع لعبيد الله من عمار.