للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من طرق عن أبي (١) إسحاق السبيعي، بهذا الإسناد.

أقول: هذا إسناد متصل بثقات مما يوهم الناظر إليه أول وهلة أنه صحيح، وقد ذهب بعض أهل العلم كالدارقطني وابن حزم والبيهقي (٢) إلى تصحيح هذا الحديث.

فقال الدارقطني في "العلل" كما في " التلخيص الحبير " ١/ ٣٧٩ (١٨٧): «يشبه أن يكون الخبران صحيحين، قاله بعض أهل العلم» (٣)، وقال ابن حزم فيما نقله عنه ابن القيم في "حاشيته" ١/ ١١٩: «نظرنا في حديث أبي إسحاق فوجدناه ثابتاً صحيحاً تقومُ بهِ الحجة … »، وقال البيهقي ١/ ٢٠٢: «وحديث أبي إسحاق صحيح من جهة الرواية، وذلك أنَّ أبا إسحاق بيّن سماعه من الأسود في رواية زهير بن معاوية عنه، والمدلس إذا بيّن سماعه ممن روى عنه، وكان ثقة فلا وجه لرده».

قلت: أما كلام الدارقطني وابن حزم، فسيأتي التعليق عليه، وأما كلام البيهقي فلا يُفهم منه تصحيح لهذا الحديث فقوله : «صحيح من جهة الرواية» عنى بذلك أنَّ تحمل الإسناد صحيح، ودليل ذلك أنَّه بعد بيّن سبب هذا التصحيح فقال: «وذلك أن أبا إسحاق بيّن سماعه من الأسود في رواية زهير بن معاوية … الخ» فالبيهقي لم يصحح هذا الحديث، وإنما بيّن أنَّ أبا إسحاق صرّح بالسماع من الأسود، فانتفت شبهة تدليسه، ولا يخفى أنَّ أبا إسحاق ثقة (٤)، وعلى ثقته فالبيهقي لم يصحح له هذا الحديث، ثم إنَّ البيهقي نفسه قال ١/ ٢٠٢: «الحفّاظ طعنوا في هذه اللفظة - يعني: ولم يمس ماءً .. » فالذي ذهب إلى أنَّ البيهقي صحح هذا الحديث، سيكون تأويله هذا متناقضاً مع البيهقي نفسه، ومع كبار أهل العلم الذين ردوا هذه اللفظة من جهة أخرى.


(١) عند ابن حزم جاءت: «ابن» وهو تحريف.
(٢) وما ينسب إلى البيهقي من تصحيح الحديث سيأتي الكلام عنه إن شاء الله.
(٣) يعني: هذا الحديث وحديث إبراهيم النخعي الذي سيأتي تخريجه.
(٤) " التقريب " (٥٠٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>