للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان خليفة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في غيبته أبا لبابة، كما في غزوة بنى قينقاع.

وفي هذه السنة الثانية من الهجرة كانت وقعة «ذى قار» «١» بين بكر بن وائل وبين جيش كسرى أبرويز، والغلبة على الهرمزان، وانهزمت الفرس، وقتل الهرمزان.

وسبب هذه الوقعة المشهورة في أيام العرب «بيوم ذى قار» أن كسرى أبرويز غضب على النعمان بن المنذر وحبسه، فهلك في الحبس، وكان النعمان قد أودع حلقته- وهى السلاح والدرع- عند هانئ بن مسعود البكري، فأرسل أبرويز يطلبها من هانئ المذكور، فقال: «هذه أمانة، والحرّ لا يسلم أمانته» ، وكان أبرويز لما أمسك النعمان قد جعل موضعه في ملك الحيرة: إياس بن قبيصة الطائي، فاستشار أبرويز إياسا المذكور، فقال إياس: المصلحة التغافل عن هانئ بن مسعود المذكور حتّى يطمئن ونتبعه فندركه. فقال أبرويز: إنه من أخوالك ولا تألوه تصحا، فقال إياس: رأي الملك أفضل. فبعث أبرويز الهرمزان في ألفين من الأعاجم وبعث ألفا من «بهرا» (قبيلة) ، فلما بلغ بكر بن وائل خبرهم أتوا مكانا من «بطن ذى قار» فنزلوه، فوصلت إليهم الأعاجم واقتتلوا ساعة، وانهزمت الأعاجم هزيمة قبيحة، وأكثرت العرب الأشعار في ذكر هذا اليوم، وقيل: إن هذه الوقعة كانت في سنة أربعين من مولد النبى صلّى الله عليه وسلّم، ولم تكن في عام وقعة بدر، وهذا القول هو الأقوى والأصح.

وفي هذه السنة كانت غزوة «قرقرة الكدر» «٢» :


(١) ذو قار: ماء لبكر بن وائل قريب من الكوفة، بينها وبين واسط، وفيها كانت الوقعة المشهورة بين العرب والفرس.
(٢) قرقرة الكدر، قيل بناحية المعدن، قريبة من الأرحضية- أو الرّحضية من نواحى المدينة قرية لبنى سليم والأنصار من نجد، وبها ابار عليها زرع كثير ونخل، وحذاءها قرية يقال لها الحجر- بينها وبين المدينة ثمانية برد، وقيل ماء لبنى سليم، به غزوة للنبى صلّى الله عليه وسلّم.